للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اشْتِرَاطُ تَأْجِيل تَسْلِيمِ الْعَيْنِ فِي التَّصَرُّفَاتِ النَّاقِلَةِ لِلْمِلْكِيَّةِ:

٣٣ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ اشْتِرَاطِ تَأْجِيل تَسْلِيمِ (الْعَيْنِ) إِلَى الْمَنْقُول إِلَيْهِ مِلْكِيَّتُهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً لِلاِنْتِفَاعِ بِهَا عَلَى رَأْيَيْنِ: الأَْوَّل: يَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (١) وَهُوَ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ تَأْجِيل تَسْلِيمِ الْعَيْنِ إِلَى الْمُدَّةِ الَّتِي يُحَدِّدُهَا الْمُتَعَاقِدَانِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُنْتَفِعُ بِهَا هُوَ النَّاقِل لِلْمِلْكِيَّةِ، وَهَذَا الرَّأْيُ مَنْقُولٌ عَنِ الأَْوْزَاعِيِّ، وَابْنِ شُبْرُمَةَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ.

وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ: إِذَا بَاعَ دَارًا عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا الْبَائِعُ شَهْرًا، ثُمَّ يُسَلِّمَهَا إِلَيْهِ، أَوْ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا سَنَةً، أَوْ دَابَّةً عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا شَهْرًا، أَوْ ثَوْبًا عَلَى أَنْ يَلْبَسَهُ أُسْبُوعًا.

وَاسْتَدَل لِهَذَا الرَّأْيِ بِأَنَّ عُمُومَ الآْيَاتِ وَالأَْحَادِيثِ تَأْمُرُ بِالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ. قَال اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ. . .} (٢) وَقَال تَعَالَى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً} (٣) وَقَال عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلاَّ شَرْطًا حَرَّمَ حَلاَلاً، أَوْ أَحَل حَرَامًا (٤)


(١) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ٣ / ٦٥، والمواق على الحطاب ٣ / ٣٧٢، وكشاف القناع ٣ / ١٩٠ ط الرياض.
(٢) أول سورة المائدة.
(٣) سورة الإسراء / ٣٤
(٤) رواه الترمذي وصححه، وأنكروا عليه لأنه من رواية كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف وهو ضعيف. وهذا الحديث له طرق كثيرة، وقد صححه ابن حبان من حديث أبي هريرة. يراجع سبل السلام ٣ / ٤٠ في باب الصلح.