للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ بِعَرَفَةَ، وَعَلَّمَهُمْ أَمْرَ الْحَجِّ، وَقَال لَهُمْ فِيمَا قَال: إِذَا جِئْتُمْ فَمَنْ رَمَى الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَل لَهُ مَا حُرِّمَ عَلَى الْحَاجِّ إِلاَّ النِّسَاءَ وَالطِّيبَ (١) . وَأَمَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ مِنْ تَحْرِيمِ الصَّيْدِ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ أَخَذَ بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} (٢) وَوَجْهُ الاِسْتِدْلاَل بِالآْيَةِ أَنَّ الْحَاجَّ يُعْتَبَرُ مُحْرِمًا مَا لَمْ يَطُفْ طَوَافَ الإِْفَاضَةِ.

التَّحَلُّل الأَْكْبَرُ:

١٢٣ - هُوَ التَّحَلُّل الَّذِي تَحِل بِهِ جَمِيعُ مَحْظُورَاتِ الإِْحْرَامِ دُونَ اسْتِثْنَاءٍ.

وَيَبْدَأُ الْوَقْتُ الَّذِي تَصِحُّ أَفْعَال التَّحَلُّل الأَْكْبَرِ فِيهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ مِنْ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ مِنْ مُنْتَصَفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ، وَذَلِكَ تَابِعٌ لاِخْتِلاَفِهِمْ فِيمَا يَحْصُل بِهِ التَّحَلُّل الأَْكْبَرُ. أَمَّا نِهَايَةُ وَقْتِهِ فَبِحَسَبِ مَا يَتَحَلَّل بِهِ، فَهُوَ لاَ يَنْتَهِي إِلاَّ بِفِعْل مَا يَتَحَلَّل بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَفُوتُ، كَمَا سَتَعْلَمُ، وَهُوَ الطَّوَافُ. وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فَكَذَلِكَ إِنْ تَوَقَّفَ التَّحَلُّل الأَْكْبَرُ عَلَى الطَّوَافِ أَوِ الْحَلْقِ، أَوِ السَّعْيِ. أَمَّا الرَّمْيُ فَإِنَّهُ مُؤَقَّتٌ بِغُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَإِذَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ التَّحَلُّل، وَلَمْ يَرْمِ حَتَّى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَاتَ وَقْتُ الرَّمْيِ بِالْكُلِّيَّةِ، فَيَحِل عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ بِمُجَرَّدِ فَوَاتِ الْوَقْتِ، وَإِنْ بَقِيَ عَلَيْهِ الْفِدَاءُ مُقَابِل ذَلِكَ. وَهَذَا قَوْلٌ


(١) الترمذي ٣ / ١٩١ - ١٩٢، والنسائي ٥ / ١٣٢، وأبو داود ٢ / ١٦٣
(٢) سورة المائدة / ٩٥