للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَهُ أَنْ يَسْأَل الأَْفْضَل إِنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ سَأَل الْمَفْضُول مَعَ وُجُودِ الْفَاضِل، وَاحْتَجُّوا لِذَلِكَ بِعُمُومِ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {فَاسْأَلُوا أَهْل الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (١) ، وَبِأَنَّ الأَْوَّلِينَ كَانُوا يَسْأَلُونَ الصَّحَابَةَ مَعَ وُجُودِ أَفَاضِلِهِمْ وَأَكَابِرِهِمْ وَتَمَكُّنِهِمْ مِنْ سُؤَالِهِمْ.

وَقَال الْقَفَّال وَابْنُ سُرَيْجٍ وَالإْسْفَرايِينِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: لَيْسَ لَهُ إِلاَّ سُؤَال الأَْعْلَمِ وَالأَْخْذُ بِقَوْلِهِ. (٢)

مَا يَلْزَمُ الْمُسْتَفْتِيَ إِنِ اخْتَلَفَتْ عَلَيْهِ أَجْوِبَةُ الْمُفْتِينَ:

٤٥ - إِنْ سَأَل الْمُسْتَفْتِي أَكْثَرَ مِنْ مُفْتٍ، فَاتَّفَقَتْ أَجْوِبَتُهُمْ، فَعَلَيْهِ الْعَمَل بِذَلِكَ إِنِ اطْمَأَنَّ إِلَى فَتْوَاهُمْ.

وَإِنِ اخْتَلَفُوا، فَلِلْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ طَرِيقَانِ:

فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ، وَابْنُ سُرَيْجٍ وَالسَّمْعَانِيُّ وَالْغَزَالِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْعَامِّيَّ لَيْسَ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَقْوَالِهِمْ يَأْخُذُ بِمَا شَاءَ وَيَتْرُكُ مَا شَاءَ، بَل عَلَيْهِ الْعَمَل بِنَوْعٍ مِنَ التَّرْجِيحِ، ثُمَّ ذَهَبَ الأَْكْثَرُونَ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّ


(١) سورة النحل / ٤٣.
(٢) روضة الطالبين للنووي ١١ / ١٠٤، والمجموع ١ / ٥٤، والبحر المحيط ٦ / ٣١١، وإعلام الموقعين ٤ / ٢٦١.