للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أ - الثَّوَابُ أَوِ الْعِقَابُ عَلَى الْعَزْمِ:

٦ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الإِْنْسَانَ لاَ يُعَاقَبُ عَلَى مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ مِنَ الْمَعَاصِي مَا لَمْ يَعْمَلْهَا أَوْ يَتَكَلَّمْ بِهَا، فَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُهَا مَا لَمْ تَعْمَل أَوْ تَتَكَلَّمْ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا (١) قَال ابْنُ حَجَرٍ: الْمُرَادُ نَفْيُ الْحَرَجِ عَمَّا يَقَعُ فِي النَّفْسِ حَتَّى يَقَعَ الْعَمَل بِالْجَوَارِحِ، أَوِ الْقَوْل بِاللِّسَانِ عَلَى وَفْقِ ذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِالْوَسْوَسَةِ: تَرَدُّدُ الشَّيْءِ فِي النَّفْسِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْمَئِنَّ إِلَيْهِ وَيَسْتَقِرَّ عِنْدَهُ (٢) كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ وَلَمْ يَفْعَلْهَا فَلاَ عِقَابَ عَلَيْهِ (٣) ، بَل تُكْتَبُ لَهُ حَسَنَةٌ إِذَا كَانَ قَدْ تَرَكَهَا قَادِرًا عَلَيْهَا، وَذَلِكَ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَل قَال: إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ


(١) حديث: " إن الله تجاوز لي عن أمتي. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٥ / ٦٠) ومسلم (١ / ١١٦) والرواية الأخرى هي لمسلم وللبخاري كذلك (١١ / ٥٤٩) .
(٢) (فتح الباري ٥ / ١٦١ ط السلفية) .
(٣) (فتح الباري ١١ / ٣٢٣) .