للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرِّوَايَةِ. وَإِذَا كَانَ الْمُضْطَرُّ عَارِفًا فِي الطِّبِّ عَمِل بِمُقْتَضَى مَعْرِفَتِهِ، وَلاَ يُعْمَل بِتَجْرِبَتِهِ إِنْ كَانَ مُجَرِّبًا، عَلَى مَا قَالَهُ الرَّمْلِيُّ. وَقَال ابْنُ حَجَرٍ: يُعْمَل بِهَا، وَلاَ سِيَّمَا عِنْدَ فَقْدِ الطَّبِيبِ. (١)

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنَّ الضَّرُورَةَ أَنْ يَخَافَ التَّلَفَ فَقَطْ لاَ مَا دُونَهُ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَقِيل: إِنَّهَا تَشْمَل خَوْفَ التَّلَفِ أَوِ الضَّرَرَ، وَقِيل: أَنْ يَخَافَ تَلَفًا أَوْ ضَرَرًا أَوْ مَرَضًا أَوِ انْقِطَاعًا عَنِ الرُّفْقَةِ يُخْشَى مَعَهُ الْهَلاَكُ. (٢)

تَفْصِيل الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي تُبِيحُهَا الضَّرُورَةُ:

٩٣ - ذُكِرَ فِي الآْيَاتِ السَّابِقَةِ تَحْرِيمُ الْمَيْتَةِ، وَالدَّمِ، وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَمَا أُهِّل لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ، وَالْمُنْخَنِقَةِ، وَالْمَوْقُوذَةِ، وَالْمُتَرَدِّيَةِ، وَالنَّطِيحَةِ، وَمَا أَكَل السَّبُعُ، وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ، فَهَذِهِ كُلُّهَا تُبِيحُهَا الضَّرُورَةُ بِلاَ خِلاَفٍ.

وَكَذَا كُل حَيَوَانٍ حَيٍّ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي لاَ تُؤْكَل يَحِل لِلْمُضْطَرِّ قَتْلُهُ بِذَبْحٍ أَوْ بِغَيْرِ ذَبْحٍ لِلتَّوَصُّل إِلَى أَكْلِهِ. وَكَذَا مَا حَرُمَ مِنْ غَيْرِ الْحَيَوَانَاتِ لِنَجَاسَتِهِ، وَيُمَثِّلُونَ لَهُ بِالتِّرْيَاقِ الْمُشْتَمِل عَلَى خَمْرٍ وَلُحُومِ حَيَّاتٍ.

أَمَّا مَا حَرُمَ لِكَوْنِهِ يَقْتُل الإِْنْسَانَ إِذَا تَنَاوَلَهُ، كَالسُّمُومِ، فَإِنَّهُ لاَ تُبِيحُهُ الضَّرُورَةُ، لأَِنَّ تَنَاوُلَهُ اسْتِعْجَالٌ لِلْمَوْتِ وَقَتْلٌ لِلنَّفْسِ، وَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ. وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ.


(١) نهاية المحتاج ٨ / ١٥٠، والبيجوري على ابن قاسم ١ / ٩١، ٩٢.
(٢) المقنع ٣ / ٥٣١.