للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (دَيْنٌ، وَرَهْنٌ، وَقِسْمَةٌ) .

ثَالِثًا: الْوَصِيَّةُ:

٣٢ - يَأْتِي فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ.

وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ تَنْفِيذَ مَا يُوصِي بِهِ الْمَيِّتُ يَجِيءُ بَعْدَ الدَّيْنِ وَقَبْل أَخْذِ الْوَرَثَةِ أَنْصِبَاءَهُمْ مِنَ التَّرِكَةِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (١) وَلاَ يَكُونُ تَنْفِيذُ مَا يُوصَى بِهِ مِنْ أَصْل الْمَال؛ لأَِنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنَ التَّكْفِينِ وَقَضَاءِ الدَّيْنِ قَدْ صَارَ مَصْرُوفًا فِي ضَرُورَاتِهِ الَّتِي لاَ بُدَّ مِنْهَا، وَالْبَاقِي هُوَ مَالُهُ الَّذِي كَانَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي ثُلُثِهِ. وَأَيْضًا رُبَّمَا اسْتَغْرَقَ ثُلُثُ الأَْصْل جَمِيعَ الْبَاقِي، فَيُؤَدِّي إِلَى حِرْمَانِ الْوَرَثَةِ بِسَبَبِ الْوَصِيَّةِ، وَهَذَا سَوَاءٌ أَكَانَتِ الْوَصِيَّةُ مُطْلَقَةً أَمْ مُعَيَّنَةً.

وَتَقْدِيمُ الْوَصِيَّةِ عَلَى الدَّيْنِ فِي الآْيَةِ الْكَرِيمَةِ لاَ يُفِيدُ التَّقْدِيمَ فِعْلاً كَمَا تَبَيَّنَ مِنْ قَبْل (ف ٢٣) وَإِنَّمَا يُفِيدُ الْعِنَايَةَ بِأَمْرِ وَصِيَّةِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ كَانَتْ تَبَرُّعًا مِنْهُ، كَيْ لاَ تَشِحَّ نُفُوسُ الْوَرَثَةِ بِإِخْرَاجِهَا مِنَ التَّرِكَةِ قَبْل تَوْزِيعِهَا بَيْنَهُمْ.

وَمِنْ هُنَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا عَلَى الدَّيْنِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهَا مِثْلُهُ فِي وُجُوبِ الأَْدَاءِ أَوِ الْمُسَارَعَةِ إِلَيْهِ، وَلِذَلِكَ جِيءَ بَيْنَهُمَا بِأَوِ الَّتِي هِيَ هُنَا لِلتَّسْوِيَةِ. (٢)


(١) سورة النساء
(٢) الفناري على شرح السراجية ص ٤ - ٥، والدسوقي ٤ / ٤٥٨، ونهاية المحتاج ٦ / ٧، والعذب الفائض ١ / ١٥، وتفسير القرطبي ٥ / ٧٣ - ٧٤.