للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَحْكُمُ بِمَا أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ فِيمَا هُوَ سَائِغٌ فِيهِ، أَشْبَهَ بَاقِيَ مَسَائِل الْخِلاَفِ، وَهَذَا إِذَا كَانَ الْقَاضِي مُجْتَهِدًا (١) .

شَهَادَةُ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ:

٣٠ - لاَ يَخْتَلِفُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْعَدَاوَةَ الدُّنْيَوِيَّةَ تَمْنَعُ مِنْ قَبُول الشَّهَادَةِ.

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ - عَلَى مَا جَاءَ فِي مَجْمَعِ الأَْنْهُرِ نَقْلاً عَنِ الْقِنْيَةِ - إِنَّ الْعَدَاوَةَ بِسَبَبِ الدُّنْيَا لاَ تَمْنَعُ مَا لَمْ يَفْسُقْ بِسَبَبِهَا أَوْ يَجْلِبْ بِهَا مَنْفَعَةً أَوْ يَدْفَعْ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ مَضَرَّةً، وَمَا فِي الْوَاقِعَاتِ وَغَيْرِهَا اخْتِيَارُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الْمَنْصُوصَةُ فَبِخِلاَفِهَا، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ عَدْلاً لاَ تُقْبَل شَهَادَتُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الاِعْتِمَادُ.

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ عَادَى مَنْ سَيَشْهَدُ عَلَيْهِ وَبَالَغَ فِي خِصَامِهِ وَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ شَهِدَ عَلَيْهِ لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ لِئَلاَّ يُتَّخَذَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إِلَى رَدِّهَا، وَلَوْ أَفْضَتِ الْعَدَاوَةُ إِلَى الْفِسْقِ رُدَّتْ مُطْلَقًا.

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا إِذَا ظَهَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ الشَّاهِدَ كَانَ عَدُوًّا لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ.


(١) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي ٤ / ١٦٨، والشرح الصغير ٤ / ٢١٩، ومغني المحتاج ٤ / ٤٣٤، وكشاف القناع ٦ / ٤٢٨، والبدائع ٦ / ٢٧٢.