للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ لَبَنَ الآْدَمِيِّ الْمَيِّتِ نَجِسٌ، وَقِيل: إِنَّهُ طَاهِرٌ (١) .

بَيْعُ اللَّبَنِ:

٩ - بَيْعُ لَبَنِ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُول اللَّحْمِ بَعْدَ حَلْبِهِ جَائِزٌ بِلاَ خِلاَفٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، لأَِنَّهُ طَاهِرٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ مَقْدُورٌ عَلَى تَسْلِيمِهِ. وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي عِدَّةِ مَسَائِل.

أ - بَيْعُ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ:

١٠ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ. وَقَدْ عَلَّلَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ مَجْهُول الصِّفَةِ وَالْمِقْدَارِ، فَقَدْ يَرَى امْتِلاَءَ الضَّرْعِ مِنَ السِّمَنِ فَيَظُنُّ أَنَّهُ مِنَ اللَّبَنِ، وَلأَِنَّ اللَّبَنَ قَدْ يَكُونُ صَافِيًا وَقَدْ يَكُونُ كَدِرًا، وَذَلِكَ غَرَرٌ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ فَلَمْ يَجُزْ، وَلأَِنَّهُ بَيْعُ عَيْنٍ لَمْ تُخْلَقْ.

وَعَلَّل الْحَنَفِيَّةُ الْمَنْعَ بِأَنَّ اللَّبَنَ لاَ يَجْتَمِعُ فِي الضَّرْعِ دُفْعَةً وَاحِدَةً، بَل شَيْئًا فَشَيْئًا فَيَخْتَلِطُ الْمَبِيعُ بِغَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا، فَكَانَ الْمَبِيعُ مَعْجُوزَ التَّسْلِيمِ عِنْدَ الْبَيْعِ فَلاَ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُبَاعَ صُوفٌ عَلَى ظَهْرِ غَنَمٍ، أَوْ لَبَنٌ فِي ضَرْعٍ (٢) ".


(١) بدائع الصنائع ٤ / ٨ - ٩، والدسوقي ١ / ٥٠ - ٥١، والحطاب ١ / ٩٣، ونهاية المحتاج ١ / ٢٢٧، والمغني ٤ / ٢٨٨، ٧ / ٥٤٠.
(٢) (٣) حديث: " نهى أن يباع صوف على ظهر غنم، أو لبن في ضرع " أخرجه الدارقطني (٣ / ١٤) والبيهقي (٥ / ٣٤٠) ورجح البيهقي أن المحفوظ هو عن ابن عباس موقوفًا عليه.