للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَذْرُ الْمَشْيِ إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ أَوْ مَسْجِدَيْهِمَا:

٥٨ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ أَوِ الْمَشْيِ إِلَى مَسْجِدَيْهِمَا عَلَى أَقْوَالٍ:

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَوِ الْمَسْجِدِ الأَْقْصَى فَقَدْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ التَّحَوُّل مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ، وَذَلِكَ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ مَقْصُودَةٍ لأَِنَّهُ لاَ قُرْبَةَ فِي الْمَشْيِ، وَلاَ يَصِحُّ النَّذْرُ بِمَا لَيْسَ بِقُرْبَةٍ (١)

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَلْغُو نَذْرُ مَشْيٍ وَذَهَابٍ وَمَسِيرٍ لِلْمَدِينَةِ أَوْ إِيلِيَاءَ فَلاَ يَلْزَمُ ذَهَابُهُ لَهُمَا لاَ مَاشِيًا وَلاَ رَاكِبًا، وَمَحَل عَدَمِ لُزُومِ الإِْتْيَانِ لاَ مَاشِيًا وَلاَ رَاكِبًا لِلْبَلَدَيْنِ إِنْ لَمْ يَنْوِ أَوْ يَنْذُرْ صَلاَةً بِمَسْجِدَيْهِمَا أَوْ يُسَمِّهِمَا - أَيِ الْمَسْجِدَيْنِ لاَ الْبَلَدَيْنِ - فَإِنْ نَوَى صَلاَةً فِيهِمَا أَوْ سَمَّاهُمَا لَزِمَهُ الإِْتْيَانُ فَيَرْكَبُ وَلاَ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ (٢)

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ أَوِ الْمَسْجِدِ الأَْقْصَى لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَيَلْزَمُهُ بِهَذَا النَّذْرِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَتَاهُ رَكْعَتَيْنِ؛ لأَِنَّ الْقَصْدَ بِالنَّذْرِ الْقُرْبَةُ وَالطَّاعَةُ،


(١) الدر المختار ٣ / ٦٧، والبدائع ٦ / ٢٨٦٦، ومغني المحتاج ٤ / ٣٦٣.
(٢) شرح الزرقاني ٣ / ١٠٥، والشرح الكبير ٢ / ١٧٣.