للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يَجْمَعُ بَيْنَ اضْطِرَابِ الْكَلاَمِ فَهْمًا وَإِفْهَامًا، وَبَيْنَ اضْطِرَابِ الْحَرَكَةِ مَشْيًا وَقِيَامًا، فَيَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ مُنْكَسِرٍ، وَمَعْنًى غَيْرِ مُنْتَظِمٍ، وَيَتَصَرَّفُ بِحَرَكَةِ مُخْتَبِطٍ، وَمَشْيِ مُتَمَايِلٍ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِمَّا يَذْكُرُهُ الإِْمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ فَهُوَ زِيَادَةٌ فِي حَدِّ السُّكْرِ أَيْ مِقْدَارِهِ. (١) وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ السُّكْرَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ الْحَدِّ هُوَ الَّذِي يُزِيل الْعَقْل بِحَيْثُ لاَ يَفْهَمُ السَّكْرَانُ شَيْئًا، وَلاَ يَعْقِل مَنْطِقًا، وَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ، وَالأَْرْضِ وَالسَّمَاءِ، لأَِنَّ الْحُدُودَ يُؤْخَذُ فِي أَسْبَابِهَا بِأَقْصَاهَا، دَرْءًا لِلْحَدِّ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: {ادْرَءُوا الْحُدُودَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (٢) وَقَوْل الصَّاحِبَيْنِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مَال إِلَيْهِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى عِنْدَهُمْ. قَال فِي الدُّرِّ: يُخْتَارُ لِلْفَتْوَى لِضَعْفِ دَلِيل الإِْمَامِ. (٣)

طُرُقُ إِثْبَاتِ السُّكْرِ:

٢٥ - إِنَّ إِثْبَاتَ الشُّرْبِ الْمُوجِبِ لِعُقُوبَةِ الْحَدِّ لأَِجْل


(١) مختصر الطحاوي ص ٢٧٨، والبدائع ٥ / ٢٩٤٧، وحاشية ابن عابدين ٥ / ٢٩٢، والتاج والإكليل ٦ / ٣١٧، والأحكام السلطانية للماوردي ص ٢٢٩، ولأبي يعلى ص ٢٥٤، والمغني ٨ / ٣١٢، والمحلى ٧ / ٥٠٦.
(٢) البدائع ٦ / ٢٩٤٦ - ٢٩٤٧، ونفي الحد عند أبي حنيفة قبل وصول السكر إلى غايته ليس معناه عدم استحقاق العقوبة، بل تجب عقوبة التعزيز بما يكفي للردع كما هو معلوم. وحديث: " ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم " أخرجه الترمذي (٤ / ٣٣ - ط الحلبي) والحاكم (٤ / ٣٨٤ - ط دائرة المعارف العثمانية) ، وضعفه ابن حجر في التلخيص (٤ / ٦٥ ط دار المحاسن) وصحح وقفه على ابن مسعود.
(٣) الدر المختار بحاشية ابن عابدين ٣ / ١٦٥.