للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالْجَهَلَةِ إِلَى اعْتِقَادِ سُنِّيَّتِهَا فِي خُصُوصِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ، وَأَنَّ لَهَا خُصُوصِيَّةً زَائِدَةً عَلَى غَيْرِهَا، مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلاَمِهِمْ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهَا أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ، وَذُكِرَ أَنَّ مِنْهُمْ مِنْ كَرِهَهَا لأَِنَّهَا مِنْ سُنَنِ الرَّوَافِضِ (١) .

وَاعْتَبَرَ ابْنُ الْحَاجِّ هَذِهِ الْمُصَافَحَةَ مِنَ الْبِدَعِ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ تُمْنَعَ فِي الْمَسَاجِدِ، لأَِنَّ مَوْضِعَ الْمُصَافَحَةِ فِي الشَّرْعِ إِنَّمَا هُوَ عِنْدَ لِقَاءِ الْمُسْلِمِ لأَِخِيهِ لاَ فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، فَحَيْثُ وَضَعَهَا الشَّرْعُ تُوضَعُ، فَيُنْهَى عَنْ ذَلِكَ وَيُزْجَرُ فَاعِلُهُ، لِمَا أَتَى مِنْ خِلاَفِ السُّنَّةِ (٢) .

كَيْفِيَّةُ الْمُصَافَحَةِ الْمُسْتَحَبَّةِ وَآدَابُهَا:

١٤ - تَقَعُ الْمُصَافَحَةُ فِي الأَْصْل بِأَنْ يَضَعَ الرَّجُل صَفْحَ كَفِّهِ فِي صَفْحِ كَفِّ صَاحِبِهِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي كَوْنِ الْمُصَافَحَةِ الْمُسْتَحَبَّةِ بِكِلْتَا الْيَدَيْنِ أَمْ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْمُصَافَحَةِ أَنْ تَكُونَ بِكِلْتَا الْيَدَيْنِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُلْصِقَ كُلٌّ مِنَ الْمُتَصَافِحَيْنِ بَطْنَ كَفِّ يَمِينِهِ بِبَطْنِ كَفِّ يَمِينِ الآْخَرِ، وَيَجْعَل بَطْنَ كَفِّ يَسَارِهِ عَلَى ظَهْرِ كَفِّ يَمِينِ الآْخَرِ، وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَبِمَا وَرَدَ مِنْ قَوْل ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَّمَنِي


(١) حاشية ابن عابدين ٩ / ٥٤٧.
(٢) المدخل ٢ / ٢٢٣، ٢٩٦.