للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّلَمُ فِي النُّقُودِ:

٣٦ - لاَ خِلاَفَ بَيْنِ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يُسْلِمَ دَنَانِيرَ فِي دَرَاهِمَ، وَلاَ دَرَاهِمَ فِي دَنَانِيرَ، فَإِنْ فَعَل يَكُونُ الْعَقْدُ فَاسِدًا.

أَمَّا لَوْ أَسْلَمَ عَرْضًا فِي دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ، فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، لأَِنَّهَا يُمْكِنُ أَنْ تَنْضَبِطَ بِالْوَصْفِ وَالْوَزْنِ، وَقَدْ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ أَسْلَفَ فَلاَ يُسْلِفْ إِلاَّ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ " (١) وَهِيَ مَوْزُونَةٌ وَلأَِنَّهَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ كَالْمَهْرِ الْمُؤَجَّل، وَالْبَيْعِ بِثَمَنٍ آجِلٍ.

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ يَصِحُّ ذَلِكَ سَلَمًا بِاتِّفَاقٍ؛ لأَِنَّهَا أَثْمَانٌ، وَالْمُسْلَمُ فِيهِ لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُثَمَّنًا، لأَِنَّهُ مَحَل الْبَيْعِ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا، فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ الأَْعْمَشُ إِلَى أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بَيْعًا، لأَِنَّهُ فِي الْمَعْنَى بَيْعٌ لِلْعَرْضِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ، وَالْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ لِلْمَعَانِي. وَقَال عِيسَى بْنُ أَبَانَ: يَبْطُل؛ لأَِنَّ الْعَاقِدَيْنِ لَمْ يُوجِبَا الْعَقْدَ فِي الْعَرْضِ بَل فِي الدَّرَاهِمِ، فَلاَ يُمْكِنُ تَصْحِيحُ الْعَقْدِ مَعَ


(١) حديث: " من أسلف فلا يسلف إلا في كيل. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٤ / ٤٢٩ ط السلفية) ومسلم (٣ / ١٢٢٨ ط عيسى الحلبي) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - واللفظ لمسلم