للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَجُوزُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ كَاذِبًا فِي إِخْبَارِهِ، وَلاَ يَكْفِي التَّعْوِيل فِي ذَلِكَ عَلَى سُكُونِ النَّفْسِ إِلَى صِدْقِ الْمُقَلَّدِ، إِذْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ سُكُونِ أَنْفُسِ النَّصَارَى وَالْيَهُودِ وَالْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ قَلَّدُوا أَسْلاَفَهُمْ وَسَكَنَتْ قُلُوبُهُمْ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْل، فَعَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ (١) .

وَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى جَوَازِ الاِكْتِفَاءِ بِالتَّقْلِيدِ فِي الْعَقَائِدِ، وَنُسِبَ ذَلِكَ إِلَى الظَّاهِرِيَّةِ (٢) .

ثُمَّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ يُلْحَقُ بِالْعَقَائِدِ فِي هَذَا الأَْمْرِ كُل مَا عُلِمَ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، فَلاَ تَقْلِيدَ فِيهِ؛ لأَِنَّ الْعِلْمَ بِهِ يَحْصُل بِالتَّوَاتُرِ وَالإِْجْمَاعِ، وَمِنْ ذَلِكَ الأَْخْذُ بِأَرْكَانِ الإِْسْلاَمِ الْخَمْسَةِ.

ب - حُكْمُ التَّقْلِيدِ فِي الْفُرُوعِ:

١٣ - اخْتُلِفَ فِي التَّقْلِيدِ فِي الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عَلَى رَأْيَيْنِ:

الأَْوَّل: جَوَازُ التَّقْلِيدِ فِيهَا وَهُوَ رَأْيُ جُمْهُورِ الأُْصُولِيِّينَ (٣) ، قَالُوا: لأَِنَّ الْمُجْتَهِدَ فِيهَا إِمَّا مُصِيبٌ وَإِمَّا مُخْطِئٌ مُثَابٌ غَيْرُ آثِمٍ، فَجَازَ التَّقْلِيدُ فِيهَا، بَل وَجَبَ عَلَى الْعَامِّيِّ ذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ


(١) كشاف القناع ٦ / ٣٠٦، ومطالب أولي النهى ٦ / ٤٤١، دمشق، المكتب الإسلامي.
(٢) إرشاد الفحول ص٢٦٦.
(٣) روضة الناظر ٢ / ٤٥١، ٤٥٢، وإعلام الموقعين ٤ / ١٨٧ ـ ٢٠١، وإرشاد الفحول ص ٢٦٦.