للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِذَا زَال الْجُنُونُ لاَ تَعُودُ وِلاَيَتُهُ، إِلاَّ فِي رِوَايَةٍ لِلشَّافِعِيَّةِ تَعُودُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافِ تَوْلِيَتِهِ (١) .

ك - أَثَرُ الْجُنُونِ فِي الْجِنَايَاتِ:

٢٠ - تَقَدَّمَ أَنَّ الْجُنُونَ عَارِضٌ مِنْ عَوَارِضِ الأَْهْلِيَّةِ يَطْرَأُ عَلَى الْعَقْل فَيَذْهَبُ بِهِ، وَلِذَلِكَ تَسْقُطُ فِيهِ الْمُؤَاخَذَةُ وَالْخِطَابُ لِعَدَمِ وُجُودِ الْعَقْل الَّذِي هُوَ وَسِيلَةُ فَهْمِ دَلِيل التَّكْلِيفِ.

فَالْجُنُونُ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ عَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ بِالنِّسْبَةِ لِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى حَسَبَ الْبَيَانِ السَّابِقِ، وَلاَ حَدَّ عَلَى الْمَجْنُونِ، لأَِنَّهُ إِذَا سَقَطَ عَنْهُ التَّكْلِيفُ فِي الْعِبَادَاتِ، وَالإِْثْمُ فِي الْمَعَاصِي فَالْحَدُّ الْمَبْنِيُّ عَلَى الدَّرْءِ بِالشُّبُهَاتِ أَوْلَى، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِحُقُوقِ الْعِبَادِ كَالضَّمَانِ وَنَحْوِهِ فَلاَ يَسْقُطُ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ تَكْلِيفًا لَهُ، بَل هُوَ تَكْلِيفٌ لِلْوَلِيِّ بِأَدَاءِ الْحَقِّ الْمَالِيِّ الْمُسْتَحَقِّ فِي مَال الْمَجْنُونِ، فَإِذَا وَقَعَتْ مِنْهُ جَرَائِمُ، أُخِذَ بِهَا مَالِيًّا لاَ بَدَنِيًّا، وَإِذَا أَتْلَفَ مَال إِنْسَانٍ وَهُوَ مَجْنُونٌ وَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ، وَإِذَا قَتَل فَلاَ قِصَاصَ وَتَجِبُ دِيَةُ الْقَتِيل، كَذَلِكَ لاَ يَتِمُّ إِحْصَانُ الرَّجْمِ وَالْقَذْفِ إِلاَّ بِالْعَقْل، فَالْمَجْنُونُ لاَ يَكُونُ مُحْصَنًا لأَِنَّهُ لاَ خِطَابَ بِدُونِ الْعَقْل. (٢)


(١) ابن عابدين ٤ / ٣٠٤، والاختيار ٢ / ٨٣، والقوانين الفقهية ص ٢٩٩، والقليوبي ٢ / ٢٩٩، ٤ / ٢٩٩، ورحمة الأمة في اختلاف الأئمة ص ٣١٢، ونيل المآرب ٢ / ٤٤٩.
(٢) الاختيار ٤ / ٨٨، ٩٣، ١٠٢، والقوانين ص ٣٥٨، ٣٦٠، ٣٦٤، ٣٦٦، ورحمة الأمة في اختلاف الأئمة ص ٢٧١، ٢٧٧، والمغني ٨ / ٢١٧، ونيل المآرب ٢ / ٣٦٠.