للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاِخْتِضَابُ بِالسَّوَادِ:

١١ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الاِخْتِضَابِ بِالسَّوَادِ: فَالْحَنَابِلَةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ - مَا عَدَا أَبَا يُوسُفَ - يَقُولُونَ: بِكَرَاهَةِ الاِخْتِضَابِ بِالسَّوَادِ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ (١) . أَمَّا فِي الْحَرْبِ فَهُوَ جَائِزٌ إِجْمَاعًا، بَل هُوَ مُرَغَّبٌ فِيهِ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَأْنُ أَبِي قُحَافَةَ وَالِدِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا جِيءَ إِلَيْهِ عَامَ الْفَتْحِ، وَرَأْسُهُ يَشْتَعِل شَيْبًا: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ فَلْتُغَيِّرْهُ، وَجَنِّبُوهُ السَّوَادَ. (٢)

وَقَال الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: إِنَّ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ رَخَّصَ فِي الاِخْتِضَابِ بِالسَّوَادِ لِلْمُجَاهِدِينَ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَخَّصَ فِيهِ مُطْلَقًا، وَمِنْهُمْ مَنْ رَخَّصَ فِيهِ لِلرِّجَال دُونَ النِّسَاءِ (٣) ، وَقَدِ اسْتَدَل الْمُجَوِّزُونَ لِلاِخْتِضَابِ بِالسَّوَادِ بِأَدِلَّةٍ: مِنْهَا: قَوْل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَحْسَنَ مَا اخْتَضَبْتُمْ بِهِ لِهَذَا السَّوَادُ، أَرْغَبُ لِنِسَائِكُمْ فِيكُمْ، وَأَهْيَبُ لَكُمْ فِي صُدُورِ أَعْدَائِكُمْ. (٤)


(١) المغني ١ / ٧٥، ٧٦ المنار، وحاشية ابن عابدين ٥ / ٤٨١
(٢) حديث " اذهبوا به إلى بعض نسائه. . . " أخرجه ابن ماجه في سننه (٢ / ١١٩٧ ط عيسى الحلبي ١٣٧٣ هـ) وقال محققه: وفي الزوائد: أصل الحديث قد رواه مسلم، لكن في هذه الطريق التي رواه بها المصنف ليث بن سليم، وهو ضعيف عند الجمهور.
(٣) تحفة الأحوذي ٥ / ٤٣٦، مطبعة الفجالة الجديدة بمصر.
(٤) حديث " إن أحسن ما اختضبتم به. . . " أخرجه ابن ماجه. في الزوائد: إسناده حسن (سنن ابن ماجه ٢ / ١١٩٧ ط عيسى الحلبي ١٣٧٣ هـ) .