للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال بَعْضُهُمْ: بَل نُصَلِّي، لَمْ يُرِدْ مِنَّا ذَلِكَ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ (١) .

ثَانِيًا: اتِّفَاقُ الصَّحَابَةِ فِي مَسَائِل تَنَازَعُوا فِيهَا عَلَى إِقْرَارِ كُل فَرِيقٍ لِلْفَرِيقِ الآْخَرِ عَلَى الْعَمَل بِاجْتِهَادِهِمْ، كَمَسَائِل فِي الْعِبَادَاتِ وَالنِّكَاحِ وَالْمَوَارِيثِ وَالْعَطَاءِ وَالسِّيَاسَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (٢) .

الاِخْتِلاَفُ فِيمَا لاَ فَائِدَةَ فِيهِ:

١٣ - قَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: قَدْ يَقَعُ الاِخْتِلاَفُ فِي أَلْفَاظٍ مِنْ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ مَا لاَ مُسْتَنَدَ لَهُ مِنَ النَّقْل عَنِ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بِنَقْلٍ لاَ يُمْكِنُ تَمْيِيزُ الصَّحِيحِ مِنْهُ مِنَ الضَّعِيفِ، وَدُونَ اسْتِدْلاَلٍ مُسْتَقِيمٍ. وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الاِخْتِلاَفِ لاَ فَائِدَةَ مِنَ الْبَحْثِ عَنْهُ، وَالْكَلاَمُ فِيهِ مِنْ فُضُول الْكَلاَمِ. وَأَمَّا مَا يَحْتَاجُ الْمُسْلِمُونَ إِلَى مَعْرِفَتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ نَصَبَ عَلَى الْحَقِّ فِيهِ دَلِيلاً.

فَمِثَال مَا لاَ فَائِدَةَ فِيهِ اخْتِلاَفُهُمْ فِي أَصْحَابِ الْكَهْفِ، وَفِي الْبَعْضِ الَّذِي ضَرَبَ بِهِ مُوسَى مِنَ الْبَقَرَةِ، وَمِقْدَارِ سَفِينَةِ نُوحٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَهَذِهِ الأُْمُورُ طَرِيقُ الْعِلْمِ بِهَا النَّقْل. فَمَا كَانَ مِنْ هَذَا مَنْقُولاً نَقْلاً صَحِيحًا، كَاسْمِ صَاحِبِ مُوسَى أَنَّهُ الْخَضِرُ، فَهَذَا مَعْلُومٌ، وَمَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بَل كَانَ مِمَّا يُنْقَل عَنْ أَهْل الْكِتَابِ كَكَعْبٍ وَوَهْبٍ، فَهَذَا لاَ يَجُوزُ تَصْدِيقُهُ وَلاَ تَكْذِيبُهُ إِلاَّ بِحُجَّةٍ (٣) .


(١) فتح الباري ٧ / ٣٢٨ ط عبد الرحمن محمد.
(٢) مجموع الفتاوى لابن تيمية ٩ / ١٢٣
(٣) مقدمة في أصول التفسير ص ١٣ وما بعدها ط مطبعة الترقي بدمشق.