للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُنَافَاةٌ وَلاَ تَعَلُّقٌ، وَالْمُنَافِي الأَْخَصُّ أَوْلَى بِالاِجْتِنَابِ.

وَمِنْ هَذَا الْقَبِيل: إِِذَا لَمْ يَجِدِ الْمُصَلِّي ثَوْبًا يَسْتُرُهُ إِلاَّ حَرِيرًا أَوْ نَجِسًا فَإِِنَّهُ يُصَلِّي فِي الْحَرِيرِ وَيَتْرُكَ النَّجِسَ؛ لأَِنَّ مَفْسَدَةَ النَّجَاسَةِ خَاصَّةٌ بِالصَّلاَةِ، بِخِلاَفِ مَفْسَدَةِ الْحَرِيرِ لاَ تَعَلُّقَ لَهَا بِخُصُوصِ الصَّلاَةِ، وَلاَ مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا.

وَهُنَاكَ فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ أُخْرَى تَتَرَتَّبُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ، يُرْجَعُ إِلَيْهَا فِي الأُْصُول وَأَبْوَابِ الْفِقْهِ.

تَعَارُضُ الأَْصْل وَالظَّاهِرِ:

٢١ - الْمُرَادُ بِالأَْصْل: بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ، وَالظَّاهِرُ: مَا يَتَرَجَّحُ وُقُوعُهُ.

فَالأَْصْل بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَلِذَا لَمْ يُقْبَل فِي شَغْلِهَا شَاهِدٌ وَاحِدٌ، وَلِذَا كَانَ الْقَوْل قَوْل الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِمُوَافَقَتِهِ الأَْصْل، وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، لِدَعْوَاهُ مَا خَالَفَ الأَْصْل، فَإِِذَا اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْمُتْلَفِ وَالْمَغْصُوبِ - فَالْقَوْل قَوْل الْغَارِمِ، لأَِنَّ الأَْصْل الْبَرَاءَةُ عَمَّا زَادَ عَنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ أَوْ حَقٍّ قَبْل تَفْسِيرِهِ بِمَا لَهُ قِيمَةٌ، فَالْقَوْل لِلْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ. وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ. وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ (١) . وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: الْحُكْمُ عِنْدَهُمْ كَذَلِكَ فِي تَقْدِيمِ الظَّاهِرِ الثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ.


(١) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص ٢٣، والقوانين الفقهية لابن جزي ص ١٩٨، والأشباه والنظائر للسيوطي ٦٤، والقواعد ٣٣٩.