للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ: لاَ حَدَّ عَلَيْهِ لأَِنَّا صَدَّقْنَاهَا فِي إِنْكَارِهَا فَصَارَ مَحْكُومًا بِكَذِبِهِ. (١)

وَيَنُصُّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ لإِِبْطَال الإِْقْرَارِ بِتَكْذِيبِ الْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَسْتَمِرَّ التَّكْذِيبُ، بِحَيْثُ إِذَا رَجَعَ الْمُقَرُّ لَهُ إِلَى تَصْدِيقِهِ صَحَّ الإِْقْرَارُ وَلَزِمَ، مَا لَمْ يَرْجِعِ الْمُقِرُّ. (٢)

كُل هَذَا مِمَّا يُوجِدُ شُبْهَةً فِي الإِْقْرَارِ. فَوُجُودُ الشُّبْهَةِ فِيهِ أَوْ وُجُودُ مَا يُعَارِضُهُ أَوْلَى بِالاِعْتِدَادِ بِهِ مِنَ الإِْقْرَارِ نَفْسِهِ، لأَِنَّ الأَْصْل بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَلاَ يُعْدَل عَنْ هَذَا الأَْصْل إِلاَّ بِدَلِيلٍ ثَابِتٍ يَقِينِيٍّ لاَ يُوجَدُ مَا يُعَارِضُهُ أَوْ يُوهِنُ مِنْهُ (٣) . .

الشُّبْهَةُ بِتَقَادُمِ الإِْقْرَارِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ:

٥٧ - جَاءَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْفَتْحِ: التَّقَادُمُ لاَ يُبْطِل الإِْقْرَارَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، كَمَا فِي حَدِّ الزِّنَا الَّذِي لاَ يُبْطِل التَّقَادُمُ الإِْقْرَارَ بِهِ اتِّفَاقًا. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَال: أَنَا أُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ أَرْبَعِينَ عَامًا. وَعِنْدَهُمَا لاَ يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى الشَّارِبِ إِلاَّ إِذَا أَقَرَّ بِهِ عِنْدَ قِيَامِ الرَّائِحَةِ (٤) . فَالتَّقَادُمُ يُؤَثِّرُ عَلَى الإِْقْرَارِ بِالشُّرْبِ عِنْدَهُمَا فَيَسْقُطُ الْحَدُّ.

وَفِي الْهِدَايَةِ وَالْفَتْحِ وَالْبَحْرِ: التَّقَادُمُ يُؤَثِّرُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ عَدَا حَدَّ الْقَذْفِ، لِمَا فِيهِ مِنْ حَقِّ الْعَبْدِ، لِمَا فِيهِ مِنْ رَفْعِ الْعَارِ عَنْهُ، بِخِلاَفِ


(١) المغني ٨ / ٢٤٣.
(٢) الشرح الصغير وحاشية الصاوي ٣ / ٥٢٦، وحاشية الدسوقي ٣ / ٣٩٨.
(٣) الأشباه والنظائر للسيوطي ص ٥٩، والطرق الحكمة ص ٨٢ - ٨٣.
(٤) الهداية والفتح ٤ / ١٧٩ - ١٨١، والمغني ٨ / ٣٠٩.