للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَدَى مُوَافَقَةِ السَّلَمِ لِلْقِيَاسِ:

٨ - بَعْدَمَا ثَبَتَتْ مَشْرُوعِيَّةُ عَقْدِ السَّلَمِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِْجْمَاعِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي كَوْنِ هَذِهِ الْمَشْرُوعِيَّةِ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ وَمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ الْعَامَّةِ فِي الشَّرِيعَةِ، أَمْ أَنَّهَا جَاءَتِ اسْتِثْنَاءً عَلَى خِلاَفِ الْقِيَاسِ لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَى هَذَا الْعَقْدِ، وَذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ:

(أَحَدُهُمَا) لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنْ (الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) ، وَهُوَ أَنَّ السَّلَمَ عَقْدٌ جَائِزٌ عَلَى خِلاَفِ الْقِيَاسِ (١) قَال ابْنُ نُجَيْمٍ: " هُوَ عَلَى خِلاَفِ الْقِيَاسِ " إِذْ هُوَ بَيْعُ الْمَعْدُومِ، وَوَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ بِالنَّصِّ وَالإِْجْمَاعِ لِلْحَاجَةِ (٢) ". وَقَال زَكَرِيَّا الأَْنْصَارِيُّ: " السَّلَمُ عَقْدُ غَرَرٍ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ (٣) . وَفِي " مِنَحِ الْجَلِيل ": " صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّ السَّلَمَ رُخْصَةٌ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ بَائِعِهِ (٤) ".

(وَالثَّانِي) لِتَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ


(١) انظر الإشراف على مسائل الخلاف للقاضي عبد الوهاب ١ / ٢٨٠، بداية المجتهد (ط - دار الكتب الحديثة بمصر) ٢ / ٢٢٨، بدائع الصنائع ٥ / ٢٠١ (مطبعة الجمالية ١٣٢٨ هـ) ، المغني ٤ / ٣٢١، شرح منتهى الإرادات ٢ / ٢١٨، ٢٢١، الخرشي ٥ / ٢١٤.
(٢) البحر الرائق ٦ / ١٩٦.
(٣) أسنى المطالب شرح روض الطالب ٢ / ١٢٢.
(٤) منح الجليل لعليش ٣ / ٢.