للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا الإِْجْمَاعُ: فَقَدِ اتَّفَقَ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى وُجُوبِ نَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ إِذَا مَكَّنَتِ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا مِنْهَا وَكَانَتْ مُطِيقَةً لِلْوَطْءِ وَلَمْ تَمْتَنِعْ عَنْهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ.

يَقُول ابْنُ الْمُنْذِرِ: اتَّفَقَ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى وُجُوبِ نَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ إِذَا كَانُوا بَالِغِينَ إِلاَّ النَّاشِزَ مِنْهُنَّ (١) .

وَأَمَّا الْمَعْقُول: فَلأَِنَّ الزَّوْجَةَ مَحْبُوسَةُ الْمَنَافِعِ عَلَى زَوْجِهَا، وَمَمْنُوعَةٌ مِنَ التَّصَرُّفِ لِحَقِّهِ فِي الاِسْتِمْتَاعِ بِهَا، فَوَجَبَ لَهَا مُؤْنَتُهَا وَنَفَقَتُهَا، كَمَا يُلْزَمُ الإِْمَامُ فِي بَيْتِ الْمَال نَفَقَاتِ أَهْل النَّفِيرِ؛ لاِحْتِبَاسِ نُفُوسِهِمْ عَلَى الْجِهَادِ (٢) .

وَلأَِنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ جَزَاءَ الاِحْتِبَاسِ، وَمَنْ كَانَ مَحْبُوسًا لِحَقِّ شَخْصٍ كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَفَرُّغِهِ لِحَاجَةِ نَفْسِهِ، قِيَاسًا عَلَى الْقَاضِي وَالْوَالِي وَالْعَامِل فِي الصَّدَقَاتِ (٣) .

سَبَبُ وُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ:

٥ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي سَبَبِ وُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ عَلَى زَوْجِهَا، وَهَل تَجِبُ بِالْعَقْدِ وَحْدَهُ أَمْ بِهِ وَبِالتَّمْكِينِ وَالتَّسْلِيمِ التَّامِّ؟ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:


(١) الْمُغْنِي وَالشَّرْحُ ٩ / ٢٣١.
(٢) الْحَاوِي الْكَبِيرُ ١٥ / ٥٢٤ وَمَا بَعْدَهَا.
(٣) الْبَدَائِعُ ٤ / ١٦، وَالْمُغْنِي ٩ / ٢٣٠، وَتَبْيِينُ الْحَقَائِقِ ٣ / ٥١.