للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الْمُحَال، وَلِهَذَا فَإِنْ مَاتَ الْمُحِيل بَعْدَ الْحَوَالَةِ وَقَبْل اسْتِيفَاءِ الْمُحَال الْمَال مِنَ الْمُحَال عَلَيْهِ بَطَلَتِ الْحَوَالَةُ، وَإِذَا كَانَ عَلَى الْمُحِيل دُيُونٌ أُخْرَى، فَالْمُحَال أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ (١) .

أَمَّا إِذَا كَانَتِ الْحَوَالَةُ مُطْلَقَةً، فَإِنَّهُ لاَ تَبْطُل بِمَوْتِ الْمُحِيل، وَلاَ تَأْثِيرَ لِمَوْتِهِ عَلَى الْحَوَالَةِ، وَأَسَاسُ ذَلِكَ كَمَا جَاءَ فِي الْعُقُودِ الدُّرِّيَّةِ: أَنَّ الْحَوَالَةَ الْمُطْلَقَةَ تَبَرُّعٌ، وَإِذَا كَانَ الْمُحَال عَلَيْهِ مَدِينًا لِلْمُحِيل لاَ تَتَقَيَّدُ بِدَيْنِهِ، وَلِذَا كَانَ لِلْمُحِيل مُطَالَبَتُهُ بِهِ قَبْل الأَْدَاءِ، فَلاَ تَبْطُل بِقِسْمَةِ دَيْنِ الْمُحِيل بَيْنَ غُرَمَائِهِ، لأَِنَّ الْمُحَال لَمْ يَبْقَ مِنْ غُرَمَائِهِ، بَل صَارَ مِنْ غُرَمَاءِ الْمُحَال عَلَيْهِ، فَهَذَا كُلُّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَوَالَةَ الْمُطْلَقَةَ لاَ تَبْطُل بِمَوْتِ الْمُحِيل، بَل تَبْقَى مُطَالَبَةُ الْمُحَال عَلَى الْمُحْتَال عَلَيْهِ، وَإِنْ أُخِذَ مِنْهُ دَيْنُ الْمُحِيل وَقُسِمَ بَيْنَ غُرَمَائِهِ، وَهَذَا جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ (٢) .

ثَالِثًا: ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْحَوَالَةَ مَتَى تَمَّتْ، فَإِنَّ الدَّيْنَ يَنْتَقِل مِنْ ذِمَّةِ الْمُحِيل إِلَى ذِمَّةِ الْمُحَال عَلَيْهِ، وَيُصْبِحُ الْمُحَال عَلَيْهِ مُلْتَزِمًا بِأَدَائِهِ لِلْمُحَال، فَإِذَا مَاتَ قَبْل الأَْدَاءِ، فَإِنَّهُ


(١) بدائع الصنائع ٦ / ١٧، والبحر الرائق ٦ / ٢٧٤، وتبيين الحقائق ٤ / ١٧٤، والعقود الدرية ١ / ٢٩٢.
(٢) العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية ١ / ٢٩٣.