للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَى الْيَمِينِ: إِذَا نَوَى الْحَلِفَ صَحَّتْ يَمِينُهُ. (١) لأَِنَّ الإِْكْرَاهَ لاَ يُلْغِي اللَّفْظَ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ بِهِ الصَّرِيحُ كِنَايَةً، وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ لاَ يُسْتَبْعَدُ أَنْ يَكُونَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، فَإِنَّ إِلْغَاءَ كَلاَمِ الْمُكْرَهِ لاَ وَجْهَ لَهُ، إِلاَّ أَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ دَفْعَ الأَْذَى عَنْ نَفْسِهِ، وَلَمْ يَقْصِدِ اسْتِعْمَال اللَّفْظِ فِي مَعْنَاهُ، فَإِذَا قَصَدَ اسْتِعْمَالَهُ فِي مَعْنَاهُ كَانَ هَذَا أَمْرًا زَائِدًا لاَ تَدْعُو إِلَيْهِ الضَّرُورَةُ.

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ أَيْضًا: لاَ يَلْزَمُ الْمُكْرَهَ التَّوْرِيَةُ وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهَا.

وَالتَّوْرِيَةُ هِيَ: أَنْ يُطْلِقَ الإِْنْسَانُ لَفْظًا هُوَ ظَاهِرٌ فِي مَعْنًى وَيُرِيدُ بِهِ مَعْنًى آخَرَ يَتَنَاوَلُهُ ذَلِكَ اللَّفْظُ، وَلَكِنَّهُ خِلاَفُ ظَاهِرِهِ. (٢)

عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْجِدُّ فِي الْحَالِفِ:

٥٥ - الْجِدُّ - بِكَسْرِ الْجِيمِ - فِي التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ مَعْنَاهُ: أَنْ يَنْطِقَ الإِْنْسَانُ بِاللَّفْظِ رَاضِيًا بِأَثَرِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُسْتَحْضِرًا لِهَذَا الرِّضَى أَمْ غَافِلاً عَنْهُ، فَمَنْ نَطَقَ بِاللَّفْظِ الصَّرِيحِ نَاوِيًا مَعْنَاهُ، أَوْ غَافِلاً عَنْ هَذِهِ النِّيَّةِ، مُرِيدًا أَثَرَهُ أَوْ غَافِلاً عَنْ هَذِهِ الإِْرَادَةِ يُقَال لَهُ جَادٌّ، فَإِنْ أَرَادَ تَجْرِيدَ اللَّفْظِ عَنْ أَثَرِهِ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ وَلاَ إِكْرَاهٍ، فَنَطَقَ بِهِ لَعِبًا أَوْ مِزَاحًا كَانَ هَازِلاً،


(١) البدائع ٣ / ١١، والدر المختار بحاشية ابن عابدين ٣ / ٤٦، ٤٧، والشرح الصغير بحاشية الصاوي ١ / ٣٢٥، ٤٥٢، والشرح الكبير بحاشية الدسوقي ٤ / ١٢٧، ونهاية المحتاج ٨ / ١٦٤، ومطالب أولي النهى ٦ / ٣١٩، ٣٦٧.
(٢) أسنى المطالب شرح روض الطالب ٣ / ٢٨٠، ٢٨٣.