للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاِقْتِدَاءُ بِمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ مُسَافِرٌ:

١٢ - قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا اقْتَدَى بِإِمَامٍ لاَ يَدْرِي أَمُسَافِرٌ هُوَ أَمْ مُقِيمٌ؟ لاَ يَصِحُّ؛ لأَِنَّ الْعِلْمَ بِحَال الإِْمَامِ شَرْطُ الأَْدَاءِ بِجَمَاعَةٍ (١) .

وَذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ أَنَّهُ إِذَا دَخَل مُصَلٍّ عَلَى قَوْمٍ ظَنَّ أَنَّهُمْ مُسَافِرُونَ فَظَهَرَ خِلاَفُهُ، أَعَادَ أَبَدًا إِنْ كَانَ الدَّاخِل مُسَافِرًا، لِمُخَالَفَةِ إِمَامِهِ نِيَّةً وَفِعْلاً إِنْ سَلَّمَ مِنِ اثْنَتَيْنِ، وَإِنْ أَتَمَّ فَقَدْ خَالَفَهُ نِيَّةً، وَفَعَل خِلاَفَ مَا دَخَل عَلَيْهِ، وَتَبْطُل صَلاَتُهُ أَيْضًا إِذَا لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ، لِحُصُول الشَّكِّ فِي الصِّحَّةِ وَهُوَ يُوجِبُ الْبُطْلاَنَ.

أَمَّا إِذَا كَانَ الدَّاخِل مُقِيمًا فَإِنَّهُ يُتِمُّ صَلاَتَهُ، وَلاَ يَضُرُّهُ كَوْنُهُمْ عَلَى خِلاَفِ ظَنِّهِ، لِمُوَافَقَتِهِ لِلإِْمَامِ نِيَّةً وَفِعْلاً كَعَكْسِهِ وَهُوَ أَنْ يَظُنَّهُمْ مُقِيمِينَ فَيَنْوِيَ الإِْتْمَامَ فَيَظْهَرَ أَنَّهُمْ مُسَافِرُونَ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ فَإِنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا إِنْ كَانَ مُسَافِرًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ إِنْ قَصَرَ لِمُخَالَفَةِ فِعْلِهِ لِنِيَّتِهِ، وَأَمَّا إِنْ أَتَمَّ فَكَانَ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ الصِّحَّةَ كَاقْتِدَاءِ مُقِيمٍ بِمُسَافِرٍ.

وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْمُسَافِرَ لَمَّا دَخَل عَلَى الْمُوَافَقَةِ فَتَبَيَّنَ لَهُ الْمُخَالَفَةُ لَمْ يُغْتَفَرْ لَهُ ذَلِكَ، بِخِلاَفِ


(١) فتح القدير ١ / ٤٠٢ ط. بولاق، حاشية ابن عابدين ١ / ٣٩٠ ط. المصرية.