للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلاَّ عَنْ إِذْنِهِ. رَوَى كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَال: قَدِمْنَا مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي عُمْرَتِهِ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ، فَكَلَّمَهُ أَهْل الْمِيَاهِ فِي الطَّرِيقِ أَنْ يَبْنُوا مَنَازِل فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ لَمْ تَكُنْ قَبْل ذَلِكَ فَأَذِنَ لَهُمْ، وَاشْتَرَطَ أَنَّ ابْنَ السَّبِيل أَحَقُّ بِالْمَاءِ وَالظِّل.

الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ مَا يَخْتَصُّ بِأَفْنِيَةِ الدُّورِ وَالأَْمْلاَكِ. يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ مُضِرًّا بِأَرْبَابِهَا مُنِعَ الْمُرْتَفِقُ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُضِرٍّ بِهِمْ فَفِي إِبَاحَةِ ارْتِفَاقِهِمْ بِهِ مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ قَوْلاَنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ لَهُمُ الاِرْتِفَاقَ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ أَرْبَابُهَا، لأَِنَّ الْحَرِيمَ مِرْفَقٌ إِذَا وَصَل أَهْلُهُ إِلَى حَقِّهِمْ مِنْهُ سَاوَاهُمْ النَّاسُ فِيمَا عَدَاهُ.

وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الاِرْتِفَاقُ بِحَرِيمِهِمْ إِلاَّ عَنْ إِذْنِهِمْ، لأَِنَّهُ تَبَعٌ لأَِمْلاَكِهِمْ فَكَانُوا بِهِ أَحَقَّ وَبِالتَّصَرُّفِ فِيهِ أَخَصَّ.

وَأَمَّا حَرِيمُ الْمَسَاجِدِ وَالْجَوَامِعِ فَيُنْظَرُ، فَإِنْ كَانَ الاِرْتِفَاقُ بِهَا مُضِرًّا بِأَهْل الْجَوَامِعِ وَالْمَسَاجِدِ مُنِعُوا مِنْهُ، وَلَمْ يَجُزْ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَأْذَنَ فِيهِ، لأَِنَّ الْمُصَلِّينَ بِهَا أَحَقُّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُضِرًّا جَازَ ارْتِفَاقُهُمْ بِحَرِيمِهَا.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ مَا اخْتَصَّ بِأَفْنِيَةِ الشَّوَارِعِ وَالطُّرُقَاتِ فَكِلاَهُمَا فِيهِ لاَ يَخْرُجُ عَمَّا سَبَقَ (١) .

حُقُوقُ الاِرْتِفَاقِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ:

١٠ - تَبَيَّنَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ يُطْلِقُونَ الاِرْتِفَاقَ عَلَى مَا يَرْتَفِقُ بِهِ، وَيَخْتَصُّ بِمَا هُوَ مِنْ التَّوَابِعِ،


(١) الأحكام السلطانية للماوردي ص ١٨٧ وما بعدها ط الحلبي، ولأبي يعلى ص ٢٠٨ وما بعدها ط الحلبي.