للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ب - الْبُلُوغُ وَالْعَقْل:

٧٢ - يَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَدَمَ اشْتِرَاطِ الْبُلُوغِ وَالْعَقْل فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْقَاتِل، فَتَجِبُ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ عِنْدَهُمْ.

وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ الْكَفَّارَةَ حَقٌّ مَالِيٌّ فَتَجِبُ فِي مَالِهِمَا، فَيُعْتِقُ الْوَلِيُّ عَنْهُمَا مِنْ مَالِهِمَا وَلاَ يَصُومُ بِحَالٍ، وَإِنْ صَامَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ أَجْزَأَهُ.

وَلأَِنَّ الْكَفَّارَةَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ أَيْ جَعَل الشَّيْءَ سَبَبًا، فَالشَّارِعُ جَعَل الْقَتْل سَبَبًا لِتَحْرِيرِ الرَّقَبَةِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ، وَالصَّوْمَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ عِنْدَ الْعَجْزِ وَلَمْ يَجْعَل ذَلِكَ عَلَى الْفَوْرِ، فَالصَّبِيُّ أَهْلٌ لِلصَّوْمِ بِاعْتِبَارِ الْمُسْتَقْبَل.

وَقَالُوا: إِنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ لَمْ تَجِبْ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لأَِنَّ سَبَبَهَا قَوْلٌ وَالْقَوْل غَيْرُ مُعْتَبَرٍ مِنْهُمَا، بِخِلاَفِ كَفَّارَةِ الْقَتْل فَإِنَّ سَبَبَهَا فِعْلٌ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ مِنَ الْجَمِيعِ (١) .

وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْبُلُوغَ وَالْعَقْل شَرْطَانِ لِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِي الْقَتْل، فَلاَ كَفَّارَةَ عَلَى الْقَاتِل الصَّبِيِّ أَوِ الْمَجْنُونِ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمَا وَلأَِنَّ الْقَتْل مَعْدُومٌ مِنْهُمَا حَقِيقَةً (٢) .


(١) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ٤ / ٢٨٦، ومغني المحتاج ٤ / ١٠٧، والكافي لابن قدامة ٤ / ١٤٣.
(٢) البناية على الهداية ١٠ / ١٨، وبدائع الصنائع ٧ / ٢٩٣.