للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْفَرْقُ بَيْنَ الْكَرَامَاتِ وَخَوَارِقِ أَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ:

١٠٠ - ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْخَارِقَ غَيْرَ الْمُقْتَرِنِ بِتَحَدِّي النُّبُوَّةِ إِذَا ظَهَرَ عَلَى يَدِ عَبْدٍ صَالِحٍ، وَهُوَ الْقَائِمُ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ خَلْقِهِ فَهُوَ الْكَرَامَةُ. أَمَّا إِذَا ظَهَرَ عَلَى يَدِ ظَاهِرِ الْفِسْقِ مُطَابِقًا لِدَعْوَاهُ فَهُوَ " الاِسْتِدْرَاجُ " وَقَدْ يُسَمَّى " سِحْرًا وَشَعْوَذَةً ".

وَإِنْ ظَهَرَ عَلَى يَدِ مُدَّعِي النُّبُوَّةِ مِنْ أَهْل الضَّلاَل فَهُوَ " الإِْهَانَةُ "، كَنُطْقِ الْجَمَادِ بِأَنَّهُ مُفْتَرٍ كَذَّابٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، لأَِنَّ خَارِقَ الْعَادَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لاَ يَكُونُ مُوَافِقًا لِلدَّعْوَى، بَل مُثْبِتًا لِكَذِبِهَا. (١)

وَأَسَاسُ ذَلِكَ أَنَّ كَرَامَاتِ الأَْوْلِيَاءِ لاَ يَكُونُ سَبَبُهَا إِلاَّ الإِْيمَانَ وَالتَّقْوَى، أَمَّا خَوَارِقُ أَعْدَاءِ اللَّهِ فَسَبَبُهَا الْكُفْرُ وَالْفُسُوقُ وَالْعِصْيَانُ. (٢) وَفِي ذَلِكَ يَقُول ابْنُ تَيْمِيَّةَ: إِنَّ خَوَارِقَ الْعَادَاتِ لاَ تَدُل عَلَى عِصْمَةِ صَاحِبِهَا، وَلاَ عَلَى وُجُوبِ اتِّبَاعِهِ فِي كُل مَا يَقُول، لأَِنَّ بَعْضًا مِنْهَا قَدْ يَصْدُرُ عَنِ الْكُفَّارِ وَالسَّحَرَةِ بِمُؤَاخَاتِهِمْ لِلشَّيَاطِينِ، كَمَا ثَبَتَ فِي


(١) بستان العارفين ص ١٥٧، ولوامع الأنوار ٢ ٢٩٠، وشرح العقيدة الطحاوية للميداني ص ١٣٩، والفتاوى الحديثية ص ٣٠٤، وكشاف اصطلاحات الفنون ٢ ٩٧٥.
(٢) مجموع فتاوى ابن تيمية ١١ ٣٠٢.