للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَيْنَ مَا الْتَزَمَهُ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَهُنَاكَ أَقْوَالٌ غَيْرُ ذَلِكَ سَبَقَ بَيَانُهَا.

حُكْمُ الإِْقْدَامِ عَلَيْهِ:

١٤٧ - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْحَلِفَ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى لاَ يَجُوزُ (١) وَيَدْخُل فِي ذَلِكَ عِنْدَهُمُ الإِْقْسَامُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى، نَحْوَ " وَأَبِي "، كَمَا يَدْخُل الْحَلِفُ بِالطَّلاَقِ وَنَحْوِهِ مِنَ التَّعْلِيقَاتِ، لَكِنَّهُمُ اسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ تَعْلِيقَ الْكُفْرِ، فَقَدْ جَعَلُوهُ كِنَايَةً عَنِ الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى كَمَا تَقَدَّمَ، وَاسْتَثْنَوْا أَيْضًا تَعْلِيقَ الطَّلاَقِ وَالْعَتَاقِ بِقَصْدِ الاِسْتِيثَاقِ، فَأَجَازُوهُ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ خُصُوصًا فِي زَمَانِنَا هَذَا، (٢) كَمَا تَقَدَّمَ.

وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِكَرَاهَةِ الْحَلِفِ بِالطَّلاَقِ وَالْعَتَاقِ (٣) ، وَلِمَعْرِفَةِ بَاقِي الْمَذَاهِبِ فِي ذَلِكَ يُرْجَعُ إِلَيْهَا فِي مَوَاضِعِ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ.

حُكْمُ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ فِيهِ:

١٤٨ - إِذَا قَصَدَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ التَّعْلِيقَاتِ تَأْكِيدَ خَبَرٍ، وَكَانَ صَادِقًا فِي الْوَاقِعِ، لَمْ يُتَصَوَّرْ فِيهَا حِنْثٌ؛ لأَِنَّهَا مَبْرُورَةٌ حِينَ النُّطْقِ بِهَا، وَلَيْسَ لِلْبِرِّ فِيهَا حُكْمٌ سِوَى حُكْمِ الإِْقْدَامِ عَلَيْهَا.

وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فِي الْوَاقِعِ لَمْ يُتَصَوَّرْ فِيهَا بِرٌّ؛ لأَِنَّ


(١) عبر صاحب البدائع بكلمة " معصية " وعبر ابن عابدين بكلمة " محظور " (البدائع ٣ / ٨، وابن عابدين ٣ / ٤٥) والظاهر أن المقصود الكراهة التحريمية.
(٢) المقصود: زمان المؤلفين، ولعل هذه الحاجة قد زالت في زمان كتابة هذا الموضوع بالموسوعة، فقد شاع رأي ابن تيمية بعدم وقوع الطلاق الذي يقصد به اليمين.
(٣) مطالب أولي النهى ٦ / ٣٦٤.