للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِعْطَاءُ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ الْقَادِرَيْنِ عَلَى الْكَسْبِ:

١٦١ - مَنْ كَانَ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ قَادِرًا عَلَى كَسْبِ كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ مَنْ يُمَوِّنُهُ، أَوْ تَمَامِ الْكِفَايَةِ، لَمْ يَحِل لَهُ الأَْخْذُ مِنَ الزَّكَاةِ، وَلاَ يَحِل لِلْمُزَكِّي إِعْطَاؤُهُ مِنْهَا، وَلاَ تُجْزِئُهُ لَوْ أَعْطَاهُ وَهُوَ يَعْلَمُ بِحَالِهِ، لِقَوْل النَّبِيِّ فِي الصَّدَقَةِ: لاَ حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلاَ لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ (١) . وَفِي لَفْظٍ لاَ تَحِل الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلاَ لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ (٢) .

وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إِلَى مَنْ يَمْلِكُ أَقَل مِنْ نِصَابٍ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا مُكْتَسِبًا، لأَِنَّهُ فَقِيرٌ أَوْ مِسْكِينٌ، وَهُمَا مِنْ مَصَارِفِ الزَّكَاةِ؛ وَلأَِنَّ حَقِيقَةَ الْحَاجَةِ لاَ يُوقَفُ عَلَيْهَا، فَأُدِيرَ الْحُكْمُ عَلَى دَلِيلِهَا، وَهُوَ فَقْدُ النِّصَابِ. وَاحْتَجُّوا بِمَا فِي قِصَّةِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ سَابِقًا، وَهِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْسِمُ الصَّدَقَاتِ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلاَنِ يَسْأَلاَنِهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا فَرَآهُمَا جَلْدَيْنِ فَقَال: إِنَّهُ لاَ حَقَّ لَكُمَا فِيهِ وَإِنْ شِئْتُمَا


(١) قوله صلى الله عليه وسلم في الصدقة: " لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب ". أخرجه أبو داود (٢ / ٢٨٥ - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث عبيد الله بن عدي بن الخيار، وصححه ابن عبد الهادي كما في نصب الراية (٢ / ٤٠١ - ط المجلس العلمي) .
(٢) حديث: " لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي ". أخرجه ابن ماجه (١ / ٥٨٩ - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة، وقال ابن عبد الهادي في التنقيح: " رواته ثقات "، كذا في نصب الراية (٢ / ٣٩٩ - ط المجلس العلمي) .