للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لاَ يَنْطَوِي عَلَى إِهَانَةٍ لَهُ (١) .

ثَالِثًا: الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ:

٦٠ - يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّ حَدَّ السَّرِقَةِ لاَ يُقَامُ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ، فَإِنِ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ سَرِقَةً يَجِبُ فِيهَا الْقَطْعُ، فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ السَّرِقَةَ، فَطَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْهُ أَنْ يَحْلِفَ لإِِثْبَاتِ بَرَاءَتِهِ، فَنَكَل عَنِ الْيَمِينِ، رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي، فَإِنْ حَلَفَ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَرَقَ مَا ادَّعَاهُ، ثَبَتَ الْمَال الْمَسْرُوقُ بِهَذِهِ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ، وَلاَ يُقَامُ الْحَدُّ إِلاَّ بِالإِْقْرَارِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ.

أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَالأَْصَحُّ عِنْدَهُمْ أَنَّ السَّرِقَةَ تَثْبُتُ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي الْمَرْدُودَةِ، فَيَثْبُتُ الْمَال وَيُقَامُ الْحَدُّ، لأَِنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْبَيِّنَةِ أَوْ كَإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُوجِبُ الْقَطْعَ بِلاَ خِلاَفٍ. وَمُقَابِل الأَْصَحِّ: أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ يَثْبُتُ بِهَا الْمَال، وَلاَ يُقَامُ بِهَا الْحَدُّ؛ لأَِنَّ الْقَطْعَ فِي السَّرِقَةِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ لاَ يَثْبُتُ إِلاَّ بِالإِْقْرَارِ أَوِ الْبَيِّنَةِ. وَمُقَابِل الأَْصَحِّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ، كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَالرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ


(١) ابن عابدين ٣ / ١٩٦، فتح القدير ٤ / ١٦٢، المدونة ٦ / ٢٨٦، مغني المحتاج ٤ / ١٥١، المغني والشرح الكبير ١٠ / ١٨٧، الطرق الحكمية ص ١٤٢، ١٤٣.