للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَذْهَبُ - أَنَّ الْمُزَارَعَةَ مِنَ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ (١) ، لأَِنَّ الْيَهُودَ سَأَلُوا الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقِرَّهُمْ بِخَيْبَرَ عَلَى أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَكُونَ لِلرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَطْرَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، فَقَال لَهُمُ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نُقِرُّكُمْ عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا (٢) ، وَلَوْ كَانَ الْعَقْدُ لاَزِمًا لَمَا جَازَ بِغَيْرِ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ وَلاَ جَعَل الْخِيَرَةَ لِنَفْسِهِ فِي مُدَّةِ إِقْرَارِهِمْ، وَلأَِنَّهُ لَمْ يُنْقَل عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَدَّرَ لَهُمْ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ، وَلَوْ قَدَّرَ لَمَا تُرِكَ نَقْلُهُ، لأَِنَّ هَذَا مِمَّا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فَلاَ يَجُوزُ الإِْخْلاَل بِنَقْلِهِ، وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَجْلاَهُمْ مِنَ الأَْرْضِ وَأَخْرَجَهُمْ مِنْ خَيْبَرَ (٣) ، وَلَوْ كَانَتْ لَهُمْ مُدَّةٌ مُقَدَّرَةٌ لَمَا جَازَ إِخْرَاجُهُمْ مِنْهَا، وَلأَِنَّهَا عَقْدٌ عَلَى جُزْءٍ مِنْ نَمَاءِ الْمَال فَكَانَ جَائِزًا كَالْمُضَارَبَةِ.

وَقَال بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ: إِنَّ الْمُزَارَعَةَ لاَزِمَةٌ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، لأَِنَّ الْقَاعِدَةَ الْعَامَّةَ فِي الْعُقُودِ هِيَ اللُّزُومُ (٤) ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (٥) .

شُرُوطُ صِحَّةِ الْمُزَارَعَةِ

شُرُوطُ صِحَّةِ الْمُزَارَعَةِ مِنْهَا مَا هُوَ خَاصٌّ بِالْمُتَعَاقِدَيْنِ، أَوْ بِالْبَذْرِ، أَوْ بِالْخَارِجِ مِنَ الأَْرْضِ، أَوْ بِالأَْرْضِ، أَوْ بِمَا عُقِدَ عَلَيْهِ الْمُزَارَعَةُ، أَوْ بِالْمُدَّةِ.


(١) المغني ٥ / ٤٠٤، وكشاف القناع ٣ / ٥٣٧.
(٢) حديث: " نقركم على ذلك ما شئنا ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٥ / ٢١) ، ومسلم (٣ / ١١٨٧) .
(٣) أثر إجلاء عمر رضي الله عنه لليهود عن خيبر. أخرجه البخاري (فتح الباري ٥ / ٢١) ، ومسلم (٣ / ١١٨٧) .
(٤) المغني ٥ / ٤٠٤.
(٥) سورة المائدة / ١.