للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفَرَّقَ الْحَنَابِلَةُ بَيْنَهُمَا، فَجَعَلُوا لَفْظَ الأَْمْرِ مِنْ بَابِ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ، وَلَفْظَ الْخِيَارِ مِنْ بَابِ الْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ. وَتَفْتَقِرُ أَلْفَاظُ التَّفْوِيضِ الْكِنَائِيَّةُ إِلَى النِّيَّةِ بِخِلاَفِ الصَّرِيحِ مِنْهَا (١) .

زَمَنُ تَفْوِيضِ الزَّوْجَةِ:

١٢ - صِيغَةُ التَّفْوِيضِ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مُطْلَقَةً، أَوْ تَكُونَ مُقَيَّدَةً بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ تَكُونَ بِصِيغَةٍ تَعُمُّ جَمِيعَ الأَْوْقَاتِ.

(أ) فَإِنْ كَانَتْ صِيغَةُ التَّفْوِيضِ مُطْلَقَةً.

فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ حَقَّ الطَّلاَقِ لِلْمَرْأَةِ مُقَيَّدٌ بِمَجْلِسِ عِلْمِهَا وَإِنْ طَال، مَا لَمْ تُبَدِّل مَجْلِسَهَا حَقِيقَةً كَقِيَامِهَا عَنْهُ، أَوْ حُكْمًا بِأَنْ تَعْمَل مَا يَقْطَعُهُ مِمَّا يَدُل عَلَى الإِْعْرَاضِ عَنْهُ، وَكَانَ الإِْمَامُ مَالِكٌ يَقُول بِأَنَّ التَّخْيِيرَ وَالتَّمْلِيكَ الْمُطْلَقَيْنِ بَاقِيَانِ بِيَدِهَا مَا لَمْ تُوقَفْ عِنْدَ الْحَاكِمِ، أَوْ تُمَكِّنْ زَوْجَهَا مِنَ الاِسْتِمْتَاعِ مِنْهَا عَالِمَةً طَائِعَةً، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَهُوَ مَا أَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَرَجَّحَهُ الدَّرْدِيرُ وَالدُّسُوقِيُّ.

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ أَخَّرَتْ بِقَدْرِ مَا يَنْقَطِعُ بِهِ الْقَبُول عَنِ الإِْيجَابِ ثُمَّ طُلِّقَتْ لَمْ يَقَعْ.

وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَدْ جَعَلُوا لِكُل صِيغَةٍ مِنْ صِيَغِ التَّفْوِيضِ حُكْمًا خَاصًّا بِهَا.


(١) ابن عابدين ٢ / ٢٧٥، ٤٨١، ٤٨٦، وحاشية الدسوقي٢ / ٤٠٦، ومغني المحتاج ٣ / ٢٨٥، ٢٨٦، وكشاف القناع ٥ / ٢٥٦.