للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدِ اعْتَبَرَ الْفُقَهَاءُ الْعُرْفَ الْقَوْلِيَّ، فَحَمَلُوا عَلَيْهِ أَلْفَاظَ التَّصَرُّفَاتِ، وَلاَحَظُوا ذَلِكَ فِي الْقَضَاءِ وَالْفَتْوَى وَنَصُّوا عَلَى أَنَّ كُل مُتَكَلِّمٍ إِنَّمَا يُحْمَل لَفْظُهُ عَلَى عُرْفِهِ، فَإِذَا كَانَ الْمُتَكَلِّمُ بِاللَّفْظِ هُوَ الشَّارِعُ فَإِنَّهُ يُحْمَل عَلَى الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَإِذَا كَانَ الْمُتَكَلِّمُ مِنْ أَهْل اللُّغَةِ فَإِنَّهُ يُحْمَل كَلاَمُهُ عَلَى عُرْفِهِ، وَتُحْمَل أَلْفَاظُ النَّاسِ الَّتِي تَدُورُ عَلَيْهَا الْعُقُودُ وَالتَّصَرُّفَاتُ عَلَى عُرْفِهِمْ فِي مُخَاطَبَتِهِمْ، وَيَجْرِي مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْتِزَامَاتٍ عَلَى حَسَبِ مَا يُفِيدُهُ اللَّفْظُ فِي الْعُرْفِ (١) .

ب - الْعُرْفُ الْعَمَلِيُّ:

٥ - الْعُرْفُ الْعَمَلِيُّ: هُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ النَّاسُ وَتَعَارَفُوهُ فِي مُعَامَلاَتِهِمْ وَتَصَرُّفَاتِهِمْ، كَتَعَارُفِ النَّاسِ الْبَيْعَ بِالتَّعَاطِي وَالاِسْتِصْنَاعِ.

قَال ابْنُ عَابِدِينَ: الْعُرْفُ عَمَلِيٌّ وَقَوْلِيٌّ، فَالأَْوَّل: كَتَعَارُفِ قَوْمٍ عَلَى أَكْل الْبُرِّ وَلَحْمِ الضَّأْنِ، فَإِذَا قَال: اشْتَرِ لِي طَعَامًا أَوْ لَحْمًا انْصَرَفَ إِلَى الْبُرِّ وَلَحْمِ الضَّأْنِ عَمَلاً بِالْعُرْفِ الْعَمَلِيِّ (٢) .

وَالأَْعْرَافُ وَالْعَادَاتُ الَّتِي تَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ


(١) المستصفي ٢ / ٢٩ ط الأميرية ١٣٢٤هـ، أحكام الفصول في أحكام العقول ٢٨٦ ط دار الغرب الإسلامي ١٩٨٦ قواعد الأحكام ٢ / ٧٧، ١١٦، شرح تنقيح الفصول للقرافي ص٢١١.
(٢) مجموعة رسائل ابن عابدين ٢ / ١١٢.