للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَهَبَ اللَّخْمِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنْ يُجْبَرَ عَلَى التَّكَسُّبِ إِذَا كَانَ صَانِعًا وَشَرَطَ عَلَيْهِ التَّكَسُّبَ فِي عَقْدِ الدَّيْنِ (١) .

تَكْلِيفُ الصَّغِيرِ بِالتَّكَسُّبِ:

١٥ - نَدَبَ الإِْسْلاَمُ إِلَى الاِسْتِغْنَاءِ وَالتَّنَزُّهِ عَنْ تَكْلِيفِ الصَّغِيرِ بِالْكَسْبِ، فَقَدْ أَخْرَجَ مَالِكٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سُهَيْل بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَهُوَ يَخْطُبُ وَيَقُول: لاَ تُكَلِّفُوا الأَْمَةَ غَيْرَ ذَاتِ الصَّنْعَةِ الْكَسْبَ، فَإِنَّكُمْ مَتَى كَلَّفْتُمُوهَا ذَلِكَ كَسَبَتْ بِفَرْجِهَا، وَلاَ تُكَلِّفُوا الصَّغِيرَ الْكَسْبَ، فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يَجِدْ سَرَقَ، وَعُفُّوا إِذَا أَعَفَّكُمُ اللَّهُ، وَعَلَيْكُمْ مِنَ الْمَطَاعِمِ بِمَا طَابَ مِنْهَا (٢) .

وَقَال أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ ضِمْنَ تَعْلِيقِهِ عَلَى أَثَرِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الصَّغِيرُ إِذَا كُلِّفَ الْكَسْبَ، وَأَنْ يَأْتِيَ بِالْخَرَاجِ وَهُوَ لاَ يُطِيقُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا اضْطَرَّهُ إِلَى أَنْ يَتَخَلَّصَ مِمَّا لَزِمَهُ مِنَ الْخَرَاجِ بِأَنْ يَسْرِقَ (٣) .

وَقَال ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الأَْثَرِ الْمَذْكُورِ: هَذَا كَلاَمٌ صَحِيحٌ وَاضِحُ الْمَعْنَى، مُوَافِقٌ لِلسُّنَّةِ، وَالْقَوْل فِي شَرْحِهِ تَكَلُّفٌ (٤) .


(١) الصاوي مع الشرح الصغير ٣ / ٣٥٩، وانظر منح الجليل ٣ / ١٣١ - ١٣٢.
(٢) المنتقى شرح الموطأ للباجي ٧ / ٣٠٦، وشرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك ٤ / ٣٩٦.
(٣) المنتقى ٧ / ٣٠٦.
(٤) الاستذكار لابن عبد البر ٢٧ / ٢٨٨.