للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ب - الْوَكَالَةُ بِالشِّرَاءِ الْمُقَيَّدَةُ:

٩٥ - تَجُوزُ الْوَكَالَةُ بِالشِّرَاءِ الْمُقَيَّدَةُ بِشَرْطِ خُلُوِّهَا عَنِ الْجَهَالَةِ الْكَثِيرَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي الاِسْتِحْسَانِ، وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ فِي الْمَذْهَبِ، حَيْثُ قَالُوا بِصِحَّةِ الْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ الْمُقَيَّدَةِ، حَتَّى لَوْ لَمْ يَذْكُرْ نَوْعَ السِّلْعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا. كَأَنْ يَقُول الْمُوَكُّل لِلْوَكِيل: اشْتَرِ لِي ثَوْبًا - وَلَمْ يَذْكُرْ نَوْعَهُ - فِإِنَّهُ يَصِحُّ، لأَِنَّهُ تَوْكِيلٌ فِي شِرَاءِ ثَوْبٍ، فَلَمْ يَشْتَرِطْ ذِكْرَ نَوْعِهِ كَالْقِرَاضِ.

وَوَجْهُ الاِسْتِحْسَانِ عِنْدَ الَحَنَفِيَّةِ مَا رُوِيَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَفَعَ دِينَارًا إِلَى حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ أُضْحِيَّةً (١) . وَلَوْ كَانَتِ الْجَهَالَةُ الْقَلِيلَةُ مَانِعَةً مِنْ صِحَّةِ الْتَوْكِيل بِالشِّرَاءِ لَمَا فَعَلَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأَِنَّ جَهَالَةَ الصِّفَةِ لاَ تَرْتَفِعُ بِذِكْرِ الأُْضْحِيَّةِ وَبِقَدْرِ الثَّمَنِ، وَلأََّنَ الْجَهَالَةَ الْقَلِيلَةَ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ لاَ تُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ، لأَِنَّ مَبْنَى التَّوْكِيل عَلَى الْفُسْحَةِ وَالْمُسَامَحَةِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لاَ تَجُوزُ الْمُنَازَعَةُ فِيهِ عِنْدَ قِلَّةِ الْجَهَالَةِ، بِخِلاَفِ الْبَيْعِ لأَِنَّ مَبْنَاهُ عَلَى الْمُضَايِقَةِ وَالْمُمَاكَسَةِ لِكَوْنِهِ مُعَاوَضَةَ الْمَال بِالْمَالِ، فَالْجَهَالَةُ فِيهِ وَإِنْ قَلَّتْ


(١) حديث: دفع ديناراً إلى حكيم ". . . سبق تخريجه ف ٦.