للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ؟ اقْضُوا اللَّهَ فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ (١) .

سَأَلَتْهُ عَنْ دَيْنِ اللَّهِ فَذَكَرَ نَظِيرَهُ، وَهُوَ دَيْنُ الآْدَمِيِّ. فَنَبَّهَ عَلَى التَّعْلِيل بِهِ، وَإِلاَّ لَزِمَ الْعَبَثُ.

فَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ نَظِيرَهُ - وَهُوَ دِينُ اللَّهِ - كَذَلِكَ عِلَّةٌ لِمِثْل ذَلِكَ الْحُكْمِ، وَهُوَ وُجُوبُ الْقَضَاءِ.

مَرَاتِبُ الإِْيمَاءِ:

٩ - أ - قَدْ يُذْكَرُ الْحُكْمُ وَالْوَصْفُ كُلٌّ مِنْهُمَا صَرِيحًا، نَحْوَ قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ (٢) فَهَذَا إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الْغَضَبَ عِلَّةُ عَدَمِ جَوَازِ الْحُكْمِ، وَمِثْل: أَكْرِمِ الْعُلَمَاءَ وَأَهِنِ الْجُهَّال فَهُوَ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ عِلَّةَ الإِْكْرَامِ الْعِلْمُ، وَعِلَّةَ الإِْهَانَةِ الْجَهْل. فَهَذَا النَّوْعُ إِيمَاءٌ بِالاِتِّفَاقِ.

ب - وَقَدْ يُذْكَرُ الْوَصْفُ صَرِيحًا وَالْحُكْمُ مُسْتَنْبَطٌ.

نَحْوَ {وَأَحَل اللَّهُ الْبَيْعَ} (٣) فَالْوَصْفُ إِحْلاَل الْبَيْعِ، وَالْحُكْمُ الصِّحَّةُ، أَوْ يُذْكَرُ الْحُكْمُ وَالْوَصْفُ مُسْتَنْبَطٌ، نَحْوَ: حُرِّمَتِ الْخَمْرُ، وَلاَ تُذْكَرُ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ، وَهِيَ الْوَصْفُ. فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ فَقِيل: هُمَا مِنَ الإِْيمَاءِ، وَقِيل: لاَ لِعَدَمِ الاِقْتِرَانِ بَيْنَ الْحُكْمِ وَالْوَصْفِ لَفْظًا (٤) .


(١) حديث: " إن أمي نذرت أن تحج. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري ٤ / ٦٤ ط السلفية) .
(٢) حديث: " لا يقضي القاضي وهو غضبان " أخرجه البخاري (الفتح ١٣ / ١٣٦ - ط السلفية) ومسلم (٣ / ١٣٤٣ - ط الحلبي) . واللفظ للبخاري.
(٣) سورة البقرة / ٢٧٥.
(٤) كشاف اصطلاحات الفنون ٦ / ١٤٣٤، وشرح مسلم الثبوت ٢ / ٢٩٦ - ٢٩٨ ط بولاق، والمستصفى ٢ / ٢٨٩، ٢٩٠ ط بولاق، وحاشية التفتازاني على شرح العضد على ابن الحاجب ٢ / ٢٣٤ - ٢٣٦ نشر الجامعة الإسلامية بالبيضاء - ليبيا، وشرح جمع الجوامع حاشية البناني ٢ / ٢٦٦ - ٢٧٠ ط مصطفى الحلبي ١٣٥٦ هـ.