للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

خِلاَفُ الأَْوْلَى:

٤ - قَال الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا النَّوْعُ أَهْمَلَهُ الأُْصُولِيُّونَ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ وَهُوَ وَاسِطَةٌ بَيْنَ الْكَرَاهَةِ وَالإِْبَاحَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ هَل هِيَ مَكْرُوهَةٌ، أَوْ خِلاَفُ الأَْوْلَى كَالنَّفْضِ وَالتَّنْشِيفِ فِي الْوُضُوءِ وَغَيْرِهِمَا؟

قَال إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ. . . التَّعَرُّضُ لِلْفَصْل بَيْنَهُمَا مِمَّا أَحْدَثَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ، وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَا وَرَدَ فِيهِ نَهْيٌ مَقْصُودٌ يُقَال فِيهِ: مَكْرُوهٌ، وَمَا لاَ فَهُوَ خِلاَفُ الأَْوْلَى وَلاَ يُقَال: مَكْرُوهٌ، وَالْمُرَادُ بِالنَّهْيِ الْمَقْصُودِ أَنْ يَكُونَ مُصَرَّحًا بِهِ كَقَوْلِهِ: لاَ تَفْعَلُوا كَذَا، أَوْ نَهَيْتُكُمْ عَنْ كَذَا، بِخِلاَفِ مَا إِذَا أَمَرَ بِمُسْتَحَبٍّ فَإِنَّ تَرْكَهُ لاَ يَكُونُ مَكْرُوهًا، وَإِنْ كَانَ الأَْمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ؛ لأَِنَّا اسْتَفَدْنَاهُ بِاللاَّزِمِ وَلَيْسَ بِمَقْصُودٍ، وَقَال فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إِنَّمَا يُقَال: تَرْكُ الأَْوْلَى إِذَا كَانَ مُنْضَبِطًا كَالضُّحَى وَقِيَامِ اللَّيْل، وَمَا لاَ تَحْدِيدَ لَهُ وَلاَ ضَابِطَ مِنَ الْمَنْدُوبَاتِ لاَ يُسَمَّى تَرْكُهُ مَكْرُوهًا، وَإِلاَّ لَكَانَ الإِْنْسَانُ فِي كُل وَقْتٍ مُلاَبِسًا لِلْمَكْرُوهَاتِ الْكَثِيرَةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لَمْ يَقُمْ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، أَوْ يَعُودُ مَرِيضًا وَنَحْوَهُ.

قَال الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ نَقْل هَذِهِ الأَْقْوَال: وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ خِلاَفَ الأَْوْلَى قِسْمٌ مِنَ الْمَكْرُوهِ، وَدَرَجَاتُ الْمَكْرُوهِ تَتَفَاوَتُ كَمَا فِي