للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ حَجَرٍ فِيهِ رَأْيَيْنِ:

أَحَدَهُمَا: الإِْسَاءَةُ إِلَى الأَْرْحَامِ.

الثَّانِيَ: يَتَعَدَّى إِلَى تَرْكِ الإِْحْسَانِ، فَقَطْعُ الْمُكَلَّفِ مَا أَلِفَهُ قَرِيبُهُ مِنْهُ مِنْ سَابِقِ الصِّلَةِ وَالإِْحْسَانِ لِغَيْرِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَطَعَ رَحِمَهُ، وَقَدْ عَدَّهُ بَعْضُهُمْ كَبِيرَةً كَمَا سَبَقَ (١) .

وَالأَْعْذَارُ تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ نَوْعِ الصِّلَةِ، فَعُذْرُ تَرْكِ الزِّيَارَةِ ضَبَطَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ بِالْعُذْرِ الَّذِي تُتْرَكُ بِهِ صَلاَةُ الْجُمُعَةِ، بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَرْضُ عَيْنٍ وَتَرْكُهُ كَبِيرَةٌ، وَإِنْ كَانَتِ الصِّلَةُ بِبَذْل الْمَال، فَلَمْ يَبْذُلْهُ لِشِدَّةِ حَاجَتِهِ إِلَيْهِ، أَوْ فَقْدِهِ، أَوْ قَدَّمَ غَيْرَ الْقَرِيبِ امْتِثَالاً لأَِمْرِ الشَّرْعِ، كَانَ ذَلِكَ عُذْرًا (٢) . وَعُذْرُ الْمُرَاسَلَةِ وَالْكِتَابَةِ أَلاَّ يَجِدَ مَنْ يَثِقُ بِهِ فِي أَدَاءِ الرِّسَالَةِ (٣) .

وَمِنَ الأَْعْذَارِ الَّتِي زَادَهَا الْمَالِكِيَّةُ تَكَبُّرُ الْقَرِيبِ الْغَنِيِّ عَلَى قَرِيبِهِ الْفَقِيرِ، فَلاَ صِلَةَ عَلَى الْفَقِيرِ حِينَئِذٍ (٤) .

حُكْمُ قَطْعِ الرَّحِمِ:

١٢ - قَطْعُ الرَّحِمِ الْمَأْمُورِ بِوَصْلِهَا حَرَامٌ بِاتِّفَاقٍ (٥) ، لِقَوْل اللَّهِ سُبْحَانَهُ {وَاَلَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ


(١) الزواجر ٢ / ٧٨، ٧٩، وتهذيب الفروق ١ / ١٥٩، وتحفة المحتاج ٦ / ٣٠٨
(٢) الزواجر ٢ / ٧٩، وتهذيب الفروق ١ / ١٦٠، وما بعدها، والطحطاوي على الدر ٤ / ٢٠٥
(٣) الزواجر ٢ / ٨٠، والفواكه الدواني ٢ / ٣٨٦، وتهذيب الفروق ١ / ١٦٠
(٤) الفواكه الدواني ٢ / ٣٨٦
(٥) تنبيه الغافلين ص ٤٧، والفواكه الدواني ٢ / ٣٨٦، وحاشية الشربيني على شرح البهجة ٣ / ٣٩٣، وتهذيب الفروق ١ / ١٦٠، والزواجر ٢ / ٦٢، وفتاوى ابن تيمية ٣ / ٤٢٥، وحاشية ابن عابدين ٥ / ٢٦٤