للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْخِيَارِ، وَمِثْلُهُ (مَا هُوَ فِي حُكْمِهِ مِنْ حَيْثُ ذَهَابُ الْعَقْل وَعَجْزُ الإِْنْسَانِ عَنْ إِظْهَارِ مَوْقِفِهِ، كَالإِْغْمَاءِ وَالنَّوْمِ أَوِ السَّكْتَةِ) فَإِذَا بَقِيَ ذَلِكَ حَتَّى اسْتَغْرَقَ وَقْتَ الْخِيَارِ مِنْ حَالَةِ تَوْقِيتِهِ سَقَطَ الْخِيَارُ. لَكِنَّ سُقُوطَهُ لَيْسَ لِكَوْنِ الْجُنُونِ مِنْ أَسْبَابِ سُقُوطِ الْخِيَارِ، بَل لاِنْقِضَاءِ الْمُدَّةِ دُونَ صُدُورِ فَسْخٍ مِنْهُ، فَالْجُنُونُ نَفْسُهُ لَيْسَ مُسْقِطًا بَل اسْتِغْرَاقُ الْوَقْتِ كُلِّهِ دُونَ فَسْخٍ، وَلِذَا لَوْ أَفَاقَ خِلاَل الْمُدَّةِ كَانَ عَلَى خِيَارِهِ فِيمَا بَقِيَ مِنْهَا فِي الأَْصَحِّ لَدَى الْحَنَفِيَّةِ. قَال ابْنُ نُجَيْمٍ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الإِْغْمَاءَ وَالْجُنُونَ لاَ يُسْقِطَانِ الْخِيَارَ وَإِنَّمَا الْمُسْقِطُ لَهُ مُضِيُّ الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ. وَاخْتُلِفَ فِي السُّكْرِ هَل هُوَ فِي حُكْمِ الْجُنُونِ أَمْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا يَحْصُل مِنْهُ بِالْبَنْجِ وَنَحْوِهِ مِنَ الْوَسَائِل الْمُسْتَخْدَمَةِ فِي الطِّبِّ، وَبَيْنَ السُّكْرِ بِالْمُحَرَّمِ. وَيُنْظَرُ فِي الْمُطَوَّلاَتِ (١) .

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ جُنَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ وَعُلِمَ أَنَّهُ لاَ يَفِيقُ أَوْ يَفِيقُ بَعْدَ طُولٍ يَضُرُّ الصَّبْرُ إِلَيْهِ بِالآْخَرِ، نَظَرَ السُّلْطَانُ فِي الأَْصْلَحِ لَهُ، أَيْ لاَ يَسْقُطُ الْخِيَارُ. وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي انْتِقَال الْخِيَارِ (٢) .

ج - تَغَيُّرُ مَحَل الْخِيَارِ:

٤٢ - إِذَا كَانَ تَغَيُّرُ مَحَل الْخِيَارِ بِالْهَلاَكِ وَالتَّعَيُّبِ أَوِ النُّقْصَانِ، فَإِنَّ الْخِيَارَ يَسْقُطُ بِهَلاَكِ الْمَبِيعِ قَبْل


(١) الهندية ٣ / ٤٣، البحر ٦ / ٥٠.
(٢) حاشية الدسوقي ٣ / ١٠٣.