للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالُوا: لَوْ غَلَبَ أَهْل الْبَغْيِ عَلَى بَلَدٍ، فَقَاتَلَهُمْ آخَرُونَ مِنْ أَهْل الْبَغْيِ، فَأَرَادُوا أَنْ يَسْبُوا ذَرَارِيَّ أَهْل الْمَدِينَةِ، وَجَبَ عَلَى أَهْل الْبَلَدِ أَنْ يُقَاتِلُوا دِفَاعًا عَنْ ذَرَارِيِّهِمْ (١) .

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ أَيْضًا: لَوْ قَتَل تَاجِرٌ مِنْ أَهْل الْعَدْل تَاجِرًا آخَرَ مِنْ أَهْل الْعَدْل فِي عَسْكَرِ أَهْل الْبَغْيِ، أَوْ قَتَل الأَْسِيرُ مِنْ أَهْل الْعَدْل أَسِيرًا آخَرَ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ فَلاَ قِصَاصَ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ الْفِعْل لَمْ يَقَعْ مُوجِبًا لِلْجَزَاءِ؛ لِتَعَذُّرِ الاِسْتِيفَاءِ وَانْعِدَامِ الْوِلاَيَةِ، كَمَا لَوْ فَعَل ذَلِكَ فِي دَارِ الْحَرْبِ؛ لأَِنَّ عَسْكَرَ أَهْل الْبَغْيِ فِي حَقِّ انْقِطَاعِ الْوِلاَيَةِ وَدَارِ الْحَرْبِ سَوَاءٌ (٢) .

اسْتِعَانَةُ الْبُغَاةِ بِالْكُفَّارِ:

٣٣ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا اسْتَعَانَ الْبُغَاةُ بِالْحَرْبِيِّينَ وَأَمَّنُوهُمْ، أَوْ عَقَدُوا لَهُمْ ذِمَّةً، لَمْ يُعْتَبَرِ الأَْمَانُ بِالنِّسْبَةِ لَنَا إِنْ ظَفِرْنَا بِهِمْ؛ لأَِنَّ الأَْمَانَ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِ إِلْزَامُ كَفِّهِمْ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، وَهَؤُلاَءِ يَشْتَرِطُونَ عَلَيْهِمْ قِتَال الْمُسْلِمِينَ، فَلاَ يَصِحُّ الأَْمَانُ لَهُمْ. وَلأَِهْل الْعَدْل قِتَالُهُمْ، وَحُكْمُ أَسِيرِهِمْ فِي يَدِ أَهْل الْعَدْل حُكْمُ الأَْسِيرِ الْحَرْبِيِّ (٣) .


(١) فتح القدير ٤ / ٤١٦.
(٢) بدائع الصنائع ٧ / ١٤١ـ ١٤٢.
(٣) فتح القدير ٤ / ٤١٦، ونهاية المحتاج ٧ / ٣٨٨، المغني ٨ / ١٢١.