للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زَمَانُ ذَبْحِ هَدْيِ الإِْحْصَارِ:

٤٠ - ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ (١) وَالشَّافِعِيُّ (٢) وَأَحْمَدُ (٣) - عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي مَذْهَبِهِ - إِلَى أَنَّ زَمَانَ ذَبْحِ الْهَدْيِ هُوَ مُطْلَقُ الْوَقْتِ، لاَ يَتَوَقَّتُ بِيَوْمِ النَّحْرِ، بَل أَيُّ وَقْتٍ شَاءَ الْمُحْصَرُ ذَبْحَ هَدْيِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الإِْحْصَارُ عَنِ الْحَجِّ أَوْ عَنِ الْعُمْرَةِ.

وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ - لاَ يَجُوزُ الذَّبْحُ لِلْمُحْصَرِ بِالْحَجِّ إِلاَّ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ الثَّلاَثَةِ، وَيَجُوزُ لِلْمُحْصَرِ بِالْعُمْرَةِ مَتَى شَاءَ (٤) .

اسْتَدَل الْجُمْهُورُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} . فَقَدْ ذَكَرَ الْهَدْيَ فِي الآْيَةِ مُطْلَقًا عَنِ التَّوْقِيتِ بِزَمَانٍ، وَتَقْيِيدُهُ بِالزَّمَانِ نَسْخٌ أَوْ تَخْصِيصٌ لِنَصِّ الْكِتَابِ الْقَطْعِيِّ فَلاَ يَجُوزُ إِلاَّ بِدَلِيلٍ قَاطِعٍ وَلاَ دَلِيل.

وَاسْتَدَل أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ بِأَنَّ هَذَا دَمٌ يَتَحَلَّل بِهِ مِنْ إِحْرَامِ الْحَجِّ، فَيَخْتَصُّ بِيَوْمِ النَّحْرِ فِي الْحَجِّ. وَرُبَّمَا يَعْتَبِرَانِهِ بِدَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ (٥) فَيَقِيسَانِهِ عَلَيْهِ، حَيْثُ إِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُذْبَحَ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ.

وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الْخِلاَفِ أَنَّ الْمُحْصَرَ يَسْتَطِيعُ عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ أَنْ يَتَحَلَّل مَتَى تَحَقَّقَ إِحْصَارُهُ بِذَبْحِ


(١) الهداية ٢ / ٢٩٩، ومتن الكنز وشرحه للزيلعي ٢ / ٧٩، والبدائع ٢ / ١٨٠ - ١٨١
(٢) المجموع ٨ / ٢٤٧، وفيه قول النووي: " قال المصنف والأصحاب: أما وقت التحلل فينظر إن كان واجدا للهدي ذبحه ونوى التحلل عند ذبحه " فأطلق وقت الذبح، ولم يقيده بأيام النحر.
(٣) المغني ٣ / ٣٥٩
(٤) المراجع الحنفية السابقة ورد المحتار ٢ / ٣٢١
(٥) تبين الحقائق ٢ / ٧٩، وقارن بالبدائع ٣ / ١٨٠ - ١٨١