للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَيَحْصُل الإِْسْقَاطُ أَيْضًا نَتِيجَةَ فِعْلٍ يَصْدُرُ مِنْ صَاحِبِ الْحَقِّ، كَمَنْ يَشْتَرِي بِشَرْطِ الْخِيَارِ، ثُمَّ يَتَصَرَّفُ فِي الْمَبِيعِ بِوَقْفٍ أَوْ بَيْعٍ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، فَإِنَّ هَذَا التَّصَرُّفَ يُعْتَبَرُ إِسْقَاطًا لِحَقِّهِ فِي الْخِيَارِ. (١)

الْقَبُول:

١٢ - الأَْصْل فِي الإِْسْقَاطِ أَنْ يَتِمَّ بِإِرَادَةِ الْمُسْقِطِ وَحْدَهُ، لأَِنَّ جَائِزَ التَّصَرُّفِ لاَ يُمْنَعُ مِنْ إِسْقَاطِ حَقِّهِ، مَا دَامَ لَمْ يَمَسَّ حَقَّ غَيْرِهِ. (٢)

وَمِنْ هُنَا فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ يَتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الإِْسْقَاطَ الْمَحْضَ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ، وَاَلَّذِي لَمْ يُقَابَل بِعِوَضٍ، يَتِمُّ بِصُدُورِ مَا يُحَقِّقُ مَعْنَاهُ مِنْ قَوْلٍ، أَوْ مَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ دُونَ تَوَقُّفٍ عَلَى قَبُول الطَّرَفِ الآْخَرِ، كَالطَّلاَقِ، فَلاَ يَحْتَاجُ الطَّلاَقُ إِلَى قَبُولٍ. (٣)

١٣ - وَيَتَّفِقُونَ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّ الإِْسْقَاطَ الَّذِي يُقَابَل بِعِوَضٍ يَتَوَقَّفُ نَفَاذُهُ عَلَى قَبُول الطَّرَفِ الآْخَرِ فِي الْجُمْلَةِ، كَالطَّلاَقِ عَلَى مَالٍ (٤) ، لأَِنَّ الإِْسْقَاطَ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُعَاوَضَةً، فَيَتَوَقَّفُ ثُبُوتُ الْحُكْمِ عَلَى قَبُول دَفْعِ الْعِوَضِ مِنَ الطَّرَفِ الآْخَرِ، إِذِ الْمُعَاوَضَةُ لاَ تَتِمُّ إِلاَّ بِرِضَى الطَّرَفَيْنِ.

وَقَدْ أَلْحَقَ الْحَنَفِيَّةُ بِهَذَا الْقِسْمِ الصُّلْحَ عَلَى دَمِ الْعَمْدِ، فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَى الْجَانِي، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ


(١) شرح منتهى الإرادات ٢ / ١٧١.
(٢) شرح منتهى الإرادات ٢ / ٢٦٠.
(٣) تكملة ابن عابدين ٢ / ١٤٢، والاختيار ٤ / ١٧، وجواهر الإكليل ٢ / ٢٩٩، والمهذب ٢ / ٧٨، ومنتهى الإرادات ٣ / ١٢٨.
(٤) شرح منتهى الإرادات ٣ / ١١٣، ١١٤، وجواهر الإكليل ١ / ٣٣٠، والاختيار ٣ / ١٥٧، والمهذب ٢ / ٧٣.