للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذِكْرُهُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُوءٍ:

٢٤ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَثَرِ هَذَا السَّبِّ عَلَى عَقْدِ الْهُدْنَةِ.

فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) إِلَى أَنَّ مِمَّا يَنْتَقِضُ بِهِ الْعَهْدُ هُوَ سَبُّهُمُ اللَّهَ تَعَالَى أَوِ الْقُرْآنَ أَوِ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ نَبِيًّا مِنَ الأَْنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ مُجْمَعًا عَلَى نُبُوَّتِهِ عِنْدَنَا (١) .

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى عَدَمِ انْتِقَاضِ عَقْدِ الْهُدْنَةِ بِسَبِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأَِنَّ سَبَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفْرٌ مِنَ الْكَافِرِ الْمُهَادِنِ؛ وَالْكُفْرُ الْمُقَارِنُ لِعَقْدِ الْهُدْنَةِ لاَ يَمْنَعُ عَقْدَ الْهُدْنَةِ فِي الاِبْتِدَاءِ فَالْكُفْرُ الطَّارِئُ لاَ يَرْفَعُهُ فِي حَال الْبَقَاءِ (٢) ، رَوَى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَل رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ، فَفَهِمْتُهَا، فَقُلْتُ: عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، فَقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَهْلاً يَا عَائِشَةُ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَْمْرِ كُلِّهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟


(١) شَرْح الزُّرْقَانِيّ ٣ / ١٤٧، وجواهر الأكليل ١ / ٢٦٩، وتحفة الْمُحْتَاج ٩ / ٣٠٢، ومغني الْمُحْتَاج ٤ / ٢٦٤، ومطالب أُولِي النُّهَى ٢ / ٦٢٢.
(٢) حَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ ٣ / ٢٧٨، ٢٤٩، وفتح الْقَدِير ٤ / ٣٨١ ط الأَْمِيرِيَّة.