للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَتَفْصِيل الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي تُبِيحُهَا الضَّرُورَةُ وَتَرْتِيبِهَا عِنْدَ التَّعَدُّدِ، وَأَثَرِ الضَّرُورَةِ فِي رَفْعِ حُرْمَةِ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا، وَفِيمَا يَلِي تَفْصِيل هَذِهِ الْمَسَائِل الْخِلاَفِيَّةِ:

أ - الْمَيْتَةُ:

إِذَا كَانَ لِلْمُضْطَرِّ أَكْل الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا فِي حَالَةِ الاِضْطِرَارِ، سَوَاءٌ كَانَ هَذَا الاِضْطِرَارُ بِجُوعٍ أَوْ عَطَشٍ فِي مَخْمَصَةٍ، أَوْ بِإِكْرَاهٍ مِنْ ظَالِمٍ، فَهَل يَجِبُ عَلَيْهِ تَنَاوُلُهَا أَمْ يَجُوزُ لَهُ الاِمْتِنَاعُ مِنَ الأَْكْل حَتَّى يَمُوتَ؟ .

ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ - فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ - وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ - فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ - وَالْحَنَابِلَةُ - عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ - إِلَى أَنَّ الْمُضْطَرَّ يَجِبُ عَلَيْهِ أَكْل الْمَيْتَةِ (١) .

وَقَالُوا: إِنَّ الَّذِي يَخَافُ الْهَلاَكَ مِنَ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ إِذَا وَجَدَ مَيْتَةً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ أَوْ دَمًا فَلَمْ يَأْكُل وَلَمْ يَشْرَبْ حَتَّى مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ يَسَعُهُ كَانَ آثِمًا (٢) ، قَال اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (٣) ، وَلاَ شَكَّ أَنَّ الَّذِي يَتْرُكُ تَنَاوُل الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا حَتَّى يَمُوتَ يُعْتَبَرُ قَاتِلاً لِنَفْسِهِ


(١) ابن عابدين ٥ / ٢١٥، والدسوقي ٢ / ١١٥، والمغني ٨ / ٥٩٦، واختيارات ابن تيمية ص ٣٢١، والمقنع ٣ / ٥٣١، والمهذب ١ / ٢٥٠
(٢) المبسوط للسرخسي ٢٤ / ١٥١، وابن عابدين ٥ / ٢١٥.
(٣) سورة البقرة / ١٩٥.