للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَقَدِ اسْتَسْقَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْعَبَّاسِ، وَقَال: اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا إِذَا قَحَطْنَا تَوَسَّلْنَا إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّل بِعَمِّ نَبِيِّكَ فَاسْقِنَا فَيُسْقَوْنَ (١) .

وَكَذَلِكَ رُوِيَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ اسْتَسْقَى بِيَزِيدَ بْنِ الأَْسْوَدِ. فَقَال: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَسْقِي بِخَيْرِنَا وَأَفْضَلِنَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَسْقِي بِيَزِيدَ بْنِ الأَْسْوَدِ، يَا يَزِيدُ ارْفَعْ يَدَيْكَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى " فَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَرَفَعَ النَّاسُ أَيْدِيَهُمْ. فَثَارَتْ سَحَابَةٌ مِنَ الْغَرْبِ كَأَنَّهَا تُرْسٌ، وَهَبَّ لَهَا رِيحٌ، فَسُقُوا حَتَّى كَادَ النَّاسُ أَلاَّ يَبْلُغُوا مَنَازِلَهُمْ. (٢)

حِكْمَةُ الْمَشْرُوعِيَّةِ:

٤ - إِنَّ الإِْنْسَانَ إِذَا نَزَلَتْ بِهِ الْكَوَارِثُ، وَأَحْدَقَتْ بِهِ الْمَصَائِبُ فَبَعْضُهَا قَدْ يَسْتَطِيعُ إِزَالَتَهَا، وَبَعْضُهَا لاَ يَسْتَطِيعُ بِأَيِّ وَسِيلَةٍ مِنَ الْوَسَائِل، وَمِنْ أَكْبَرِ الْمَصَائِبِ وَالْكَوَارِثِ الْجَدْبُ الْمُسَبَّبُ عَنِ انْقِطَاعِ الْغَيْثِ، الَّذِي هُوَ حَيَاةُ كُل ذِي رَوْحٍ وَغِذَاؤُهُ، وَلاَ يَسْتَطِيعُ الإِْنْسَانُ إِنْزَالَهُ أَوِ الاِسْتِعَاضَةَ عَنْهُ، وَإِنَّمَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ وَيَسْتَطِيعُهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ فَشَرَعَ الشَّارِعُ الْحَكِيمُ سُبْحَانَهُ الاِسْتِسْقَاءَ، طَلَبًا لِلرَّحْمَةِ وَالإِْغَاثَةِ بِإِنْزَال الْمَطَرِ الَّذِي هُوَ حَيَاةُ كُل شَيْءٍ مِمَّنْ يَمْلِكُ ذَلِكَ، وَيَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَهُوَ اللَّهُ جَل جَلاَلُهُ.


(١) المجموع للنووي ٥ / ٦٥، والطحطاوي على الدر المختار ١ / ٣٦٠، والمغني ٢ / ٢٩٥. وأثر " استسقى عمر رضي الله عنه بالعباس. . . . " أخرجه البخاري (فتح الباري ٤ / ٤٩٤ - ط السلفية) .
(٢) أثر: " استسقى معاوية بيزيد بن الأسود. . . " أخرجه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه بسند صحيح، (التلخيص الحبير ٢ / ١٠١ - ط شركة الطباعة الفنية) .