للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} . (١)

وَالْبَحْثُ فِي الاِنْتِفَاعِ بِالْمُحَرَّمِ حَال الاِضْطِرَارِ يَتَنَاوَل الْمَوْضُوعَاتِ الآْتِيَةَ:

أ - الاِنْتِفَاعُ مِنَ الأَْطْعِمَةِ الْمُحَرَّمَةِ:

١٤ - إِذَا خَافَ الإِْنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلاَكَ، وَلَمْ يَجِدْ مِنَ الْحَلاَل مَا يَتَغَذَّى بِهِ، جَازَ لَهُ الاِنْتِفَاعُ بِالْمُحَرَّمِ لِكَيْ يُنْقِذَ حَيَاتَهُ مِنَ الْهَلاَكِ، مَيْتَةً كَانَ أَوْ دَمًا أَوْ مَال الْغَيْرِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ. وَهَذَا مِمَّا لاَ خِلاَفَ فِيهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ.

لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي صِفَةِ الاِنْتِفَاعِ مِنَ الْمُحَرَّمِ حَال الاِضْطِرَارِ، هَل هُوَ وَاجِبٌ يُثَابُ عَلَيْهِ فَاعِلُهُ وَيُعَاقَبُ تَارِكُهُ، أَمْ هُوَ جَائِزٌ لاَ ثَوَابَ وَلاَ عِقَابَ فِي فِعْلِهِ أَوْ تَرْكِهِ.؟

فَالْجُمْهُورُ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَوَجْهٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ) عَلَى الْوُجُوبِ؛ لأَِنَّ الاِمْتِنَاعَ مِنَ الأَْكْل وَالشُّرْبِ حَال الاِضْطِرَارِ إِلْقَاءٌ بِالنَّفْسِ إِلَى التَّهْلُكَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} . (٢)

فَالأَْكْل لِلْغِذَاءِ وَلَوْ مِنْ حَرَامٍ أَوْ مَيْتَةٍ أَوْ مَال غَيْرِهِ حَال الاِضْطِرَارِ وَاجِبٌ يُثَابُ عَلَيْهِ إِذَا أَكَل مِقْدَارَ مَا يَدْفَعُ بِهِ الْهَلاَكَ عَنْ نَفْسِهِ " وَمَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مَوْتًا أَوْ مَرَضًا مَخُوفًا وَوَجَدَ مُحَرَّمًا لَزِمَهُ أَكْلُهُ (٣) ".

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ فِي مُقَابِل الأَْصَحِّ، وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ


(١) سورة الأنعام / ١١٩.
(٢) سورة البقرة / ١٩٥.
(٣) ابن عابدين ٥ / ٢١٥، والشرح الكبير للدردير ٢ / ١١٥، وأسنى المطالب ١ / ٥٧٠، والمغني ١١ / ٧٤.