للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَهُوَ مَعْذُورٌ (١) .

وَأَمَّا غَسْل الْمَحَل وَتَجْدِيدُ الْعِصَابَةِ وَالْحَشْوِ لِكُل فَرْضٍ، فَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُنْظَرُ إِنْ زَالَتِ الْعِصَابَةُ عَنْ مَوْضِعِهَا زَوَالاً لَهُ تَأْثِيرٌ، أَوْ ظَهَرَ الدَّمُ عَلَى جَوَانِبِهَا، وَجَبَ التَّجْدِيدُ بِلاَ خِلاَفٍ؛ لأَِنَّ النَّجَاسَةَ كَثُرَتْ وَأَمْكَنَ تَقْلِيلُهَا وَالاِحْتِرَازُ عَنْهَا. فَإِنْ لَمْ تَزُل الْعِصَابَةُ عَنْ مَوْضِعِهَا وَلاَ ظَهَرَ الدَّمُ، فَوَجْهَانِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، أَصَحُّهُمَا: وُجُوبُ التَّجْدِيدِ كَمَا يَجِبُ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ، وَالثَّانِي: إِذْ لاَ مَعْنَى لِلأَْمْرِ بِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ مَعَ اسْتِمْرَارِهَا، بِخِلاَفِ الأَْمْرِ بِتَجْدِيدِ طَهَارَةِ الْحَدَثِ مَعَ اسْتِمْرَارِهِ فَإِنَّهُ مَعْهُودٌ فِي التَّيَمُّمِ (٢) .

وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لاَ يَلْزَمُهَا إِعَادَةُ الْغُسْل وَالْعَصْبِ لِكُل صَلاَةٍ إِنْ لَمْ تُفَرِّطْ، قَالُوا: لأَِنَّ الْحَدَثَ مَعَ قُوَّتِهِ وَغَلَبَتِهِ لاَ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، وَلِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ اعْتَكَفَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ، فَكَانَتْ تَرَى الدَّمَ وَالصُّفْرَةَ وَالطَّسْتُ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (٣) .

ب - حُكْمُ مَا يَسِيل مِنْ دَمِ الْمُسْتَحَاضَةِ عَلَى الثَّوْبِ:

إِذَا أَصَابَ الثَّوْبَ مِنَ الدَّمِ مِقْدَارُ مُقَعَّرِ الْكَفِّ فَأَكْثَرَ وَجَبَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ غَسْلُهُ، إِذَا كَانَ الْغَسْل مُفِيدًا، بِأَنْ كَانَ لاَ يُصِيبُهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، حَتَّى لَوْ لَمْ تَغْسِل وَصَلَّتْ لاَ يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُفِيدًا لاَ يَجِبُ مَا دَامَ الْعُذْرُ قَائِمًا (٤) . أَيْ إِنْ كَانَ لَوْ غَسَلَتِ الثَّوْبَ تَنَجَّسَ ثَانِيًا قَبْل الْفَرَاغِ مِنَ الصَّلاَةِ، جَازَ أَلاَّ


(١) ابن عابدين ١ / ٢٠٤
(٢) المجموع ٢ / ٥٤٠
(٣) شرح المنتهى ١ / ١١٤، وصحيح البخاري ١ / ٨١ ط صبيح.
(٤) البدائع ١ / ١٤٧، وحاشية رد المحتار على الدر المختار ١ / ٢٠٤