للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمْوَالَكُمْ كُلَّهَا فَتَقْعُدُوا فُقَرَاءَ، وَرُوِيَ أَنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ أَنْفَقَ جُذَاذَ خَمْسَمِائَةِ نَخْلَةٍ، وَلَمْ يَتْرُكْ لأَِهْلِهِ شَيْئًا، فَنَزَلَتِ الآْيَةُ السَّابِقَةُ. (١)

وَقِيل: إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ بِفِعْلِهِ مِثْل ذَلِكَ.

كَذَلِكَ يَخْتَلِفُ حُكْمُ الإِْسْرَافِ إِذَا كَانَ فِي الْعِبَادَاتِ عَمَّا إِذَا كَانَ فِي الْمَحْظُورَاتِ أَوِ الْمُبَاحَاتِ، أَوْ فِي اسْتِعْمَال الْحَقِّ وَالْعُقُوبَاتِ، وَسَيَأْتِي تَفْصِيل هَذِهِ الأَْنْوَاعِ.

الإِْسْرَافُ فِي الطَّاعَاتِ

أَوَّلاً - الإِْسْرَافُ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ:

أ - الإِْسْرَافُ فِي الْوُضُوءِ:

وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ فِي حَالَتَيْنِ:

الْحَالَةُ الأُْولَى: تَكْرَارُ غَسْل الأَْعْضَاءِ:

٦ - صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: أَنَّ تَكْرَارَ غَسْل الأَْعْضَاءِ إِلَى ثَلاَثٍ مَسْنُونٌ. (٢) جَاءَ فِي الْمُغْنِي أَنَّ الْوُضُوءَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ يُجْزِئُ، وَالثَّلاَثُ أَفْضَل. (٣) وَالْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ الْغَسْلَةَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ فَضِيلَتَانِ. (٤) وَعَلَى ذَلِكَ فَغَسْل الأَْعْضَاءِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ لاَ يُعْتَبَرُ إِسْرَافًا، بَل هُوَ سُنَّةٌ أَوْ مَنْدُوبٌ. أَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلاَثِ الْمُوعِبَةِ فَمَكْرُوهٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ: الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ فِي مَذْهَبِ


(١) تفسير القرطبي ٧ / ١١٠، والمغني والشرح الكبير ٢ / ٧٠٦.
(٢) شرح فتح القدير ١ / ٢٠، والزيلعي ١ / ٥، ونهاية المحتاج ١ / ١٧٣، وكشاف القناع ١ / ١٠٦.
(٣) المغني ١ / ١٣٩.
(٤) الدسوقي ١ / ١٠١.