للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خَرَجَتْ أَثِمَتْ وَلِلزَّوْجِ فِي حَال الطَّلاَقِ أَوِ الْفَسْخِ مَنْعُهَا، وَلِوَرَثَتِهِ كَذَلِكَ مِنْ بَعْدِهِ، وَلاَ يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَوْ وَرَثَتِهِ إِخْرَاجُهَا مِنْ مَسْكَنِ النِّكَاحِ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَإِلاَّ أَثِمُوا بِذَلِكَ لإِِضَافَةِ الْبُيُوتِ إِلَيْهِنَّ فِي قَوْله تَعَالَى: {لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} وقَوْله تَعَالَى: {لاَ تُخْرِجُوهُنَّ} يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ حَقًّا عَلَى الأَْزْوَاجِ، وقَوْله تَعَالَى: {وَلاَ يَخْرُجْنَ} يَقْتَضِي أَنَّهُ حَقٌّ عَلَى الزَّوْجَاتِ لِلَّهِ تَعَالَى وَلأَِزْوَاجِهِنَّ، فَالْعِدَّةُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْحَقُّ الَّذِي لِلَّهِ تَعَالَى لاَ يَسْقُطُ بِالتَّرَاضِي، لِعَدَمِ قَابِلِيَّتِهِ لِلإِْسْقَاطِ، وَهَذَا هُوَ الأَْصْل، إِلاَّ لِلأَْعْذَارِ وَقَضَاءِ الْحَاجَاتِ (١) كَمَا سَيَأْتِي.

وَلَكِنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِي مَدَى جَوَازِ خُرُوجِ الْمُعْتَدَّةِ، وَذَلِكَ بِاخْتِلاَفِ أَحْوَالِهَا وَبِاخْتِلاَفِ الأَْوْقَاتِ وَالأَْعْذَارِ.

خُرُوجُ الْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ:

٥٦ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الرَّجْعِيَّةَ لاَ يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ مِنْ مَسْكَنِ الْعِدَّةِ لاَ لَيْلاً وَلاَ نَهَارًا (٢) وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ


(١) الجامع لأحكام القرآن: للقرطبي ١٨ / ١٥٤ وما بعدها، البدائع ٣ / ٢٠٥، فتح القدير ٤ / ٣٤٣. ط - الحلبي، جواهر الإكليل ١ / ٣٩١ - ٣٩٣، الفواكه الدواني ٢ / ٩٨، مغني المحتاج ٣ / ٤٠٢، روضة الطالبين ٨ / ٤١٥، المغني ٩ / ١٧٠ وما بعدها، ١٧٦، نيل الأوطار للشوكاني ٧ / ١٠٠.
(٢) البدائع ٣ / ٢٠٥، فتح القدير ٤ / ٣٤٤، المبسوط للسرخسي ٦ / ٣٢ - ٣٦، روضة الطالبين ٨ / ١٤٦، مغني المحتاج ٣ / ٤٠٣ - ٤٠٤.