للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣٩ - وَإِنْ فَقَدَ النَّاذِرُ شَرْطَ صِحَّةِ الصِّيَامِ بِسَبَبِ الْجُنُونِ، فَلِلْفُقَهَاءِ قَوْلاَنِ فِي ذَلِكَ:

الْقَوْل الأَْوَّل: يَرَى أَصْحَابُهُ أَنَّ مَنْ أَصَابَهُ الْجُنُونُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ الَّتِي عَيَّنَ صِيَامَهَا بِالنَّذْرِ أَوِ اسْتَغْرَقَهَا جُنُونُهُ فَلاَ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَإِلَى هَذَا الْقَوْل ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (١) .

وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الْمَجْنُونَ قَدْ خَرَجَ عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّكْلِيفِ فِي وَقْتِ وُجُوبِ الصِّيَامِ، فَلاَ يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ، كَمَا لَوْ كَانَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ (٢) .

وَقَالُوا: إِنَّ الْمَجْنُونَ فِي خِلاَل الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ لِلصِّيَامِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، فَلاَ يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ بَعْدَ إِفَاقَتِهِ؛ لأَِنَّ الزَّمَانَ الَّذِي يُقْضَى فِيهِ لَمْ يُعَيَّنْ فِيهِ النَّذْرُ، فَإِيقَاعُ الصِّيَامِ فِيهِ إِيقَاعٌ لَهُ فِي غَيْرِ زَمَانِهِ (٣) .

الْقَوْل الثَّانِي: يَرَى مَنْ ذَهَبَ إِلَيْهِ أَنَّ مَنْ جُنَّ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ الَّتِي عَيَّنَ صِيَامَهَا بِالنَّذْرِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ قَوْل أَبِي ثَوْرٍ (٤) .


(١) الشرح الكبير للدردير ١ / ٥٢٦، ونهاية المحتاج ٨ / ٢٢٥، والمغني ٩ / ٢٩، والكافي ٤ / ٤٣٠، وكشاف القناع ٦ / ٢٨١.
(٢) المغني ٩ / ٢٩، والكافي ٤ / ٤٣٠، وكشاف القناع ٦ / ٢٧١.
(٣) الشرح الكبير للدردير ١ / ٥٢٦.
(٤) بدائع الصنائع ٦ / ٢٨٩٤، والمغني ٩ / ٢٩.