للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَجْعَل مَجْلِسَ حُكْمِهِ فِي مَوْضِعٍ بَارِزٍ لِلنَّاسِ لاَ يَكُونُ دُونَهُ حِجَابٌ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَأَنْ يَكُونَ فِي وَسْطِ الْبَلَدِ لِيَتَسَاوَى النَّاسُ فِي الْقُرْبِ مِنْهُ، وَأَنْ يَكُونَ وَاسِعًا فَسِيحًا غَيْرَ ضَيِّقٍ، وَأَنْ يَكُونَ فِي أَشْهَرِ الأَْمَاكِنِ وَمَجَامِعِ النَّاسِ، وَأَنْ يَكُونَ مَصُونًا عَمَّا يُؤْذِي مِنْ حَرٍّ وَبَرْدٍ وَرِيحٍ، وَأَنْ يَكُونَ مُنَاسِبًا لِلْقَضَاءِ، وَأَنْ لاَ يَحْتَجِبَ الْقَاضِي بِغَيْرِ عُذْرٍ (١) .

اتِّخَاذُ الْمَسَاجِدِ مَجْلِسًا لِلْحُكْمِ

٤ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ مَجْلِسًا لِلْحُكْمِ:

فَقَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: يَجُوزُ أَنْ يَتَّخِذَ الْقَاضِي الْمَسْجِدَ مَجْلِسَ حُكْمِهِ، بَل يَنْبَغِي أَنْ يَجْلِسَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، وَجَاءَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: الْقَضَاءُ فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الأَْمْرِ الْقَدِيمِ، وَهُوَ الْحَقُّ، قَال مَالِكٌ: لأَِنَّهُ يَرْضَى فِيهِ بِالدُّونِ مِنَ الْمَجْلِسِ، وَهُوَ أَقْرَبُ عَلَى النَّاسِ فِي شُهُودِهِمْ وَيَصِل إِلَيْهِ الضَّعِيفُ وَالْمَرْأَةُ، يَدُل عَلَى ذَلِكَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْصِل الْخُصُومَاتِ فِي الْمَسْجِدِ (٢) وَكَذَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ كَانُوا


(١) تبصرة الحكام ١ / ٢٦ وما بعدها، فتح القدير ٦ / ٣٦٩، المغني ٩ / ٤٥، وكشاف القناع ٦ / ٣٢، ومغني المحتاج ٤ / ٣٨٧ - ٣٩٠، المحلي ٣ / ٣٠١ - ٣١٢، وروض الطالب ٤ / ٢٩٧، وروضة القضاة للسمناني ١ / ١٠٠، والأم ٦ / ١٩٨.
(٢) حديث: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفصل في الخصومات في المسجد يدل عليه حديث أبي هريرة أن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فناداه فقال: يا رسول الله، إني زنيت فأعرض عنه، فلما شهد على نفسه أربعًا قال: أبك جنون؟ قال: لا. قال (فتح الباري ١٣ / ١٥٦) وبوب عليه بقوله: باب من حكم في المسجد.